كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)
"""""" صفحة رقم 124 """"""
فقال يوسف : فأما السبع بقرات السمان فهي سبع سنين يكون فيها زرع وخصب " فما حصدتم فذروه في سنبله " . وأما البقرات العجاف ، فإنها سبع سنين فيها قحط وضيق ، فتأكل ما حصدتم في سنين الخصب " إلا قليلاً مما تحصنون " في بيوتكم .
وأما السنابل الخضر ، فهي سنو الخصب ، واليابسة سنو الجوع ، والرجل الذي قال لك أقعده على سريرك ، فيكون صلاح ذلك على يديه فأنا هو ؛ وقد أمرك ربي بهذا ؛ فهذا تأويل رؤياك .
قال : فقال له ريان : أشر علي الآن بمن أقدمه في هذا الأمر . فقال يوسف : " اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم " .
قال : كيف يتهيأ لك وأنت رجل عبراني لا تعرف لغة أهل مصر ؟ فقال : إن الله ألهمني جميع هذه الألسنة يوم دخلت مصر . فنزع الملك خاتمه ، وجعله في إصبع يوسف ، وقال لأصحابه : هذت عزيز مصر وخليفتي ، فاسمعوا له وأطيعوه .
قال الثعلبي : قال أهل الكتاب : لما تمت ليوسف في الأرض ثلاثون سنة استوزره فرعون مصر . وكان مرادهم - والله أعلم - أنه لما استكمل ثلاثين سنة من عمره .
وحكى الثعلبي أن الملك عزل العزيز وولى يوسف ، ثم هلك العزيز عن قريب وكان يوسف يوم قضائه تضرب له قبة من الديباج يجلس فيها للحكومة بين الناس وبقية الأيام يدور في عمله ويأمر بالزراعة والحرث وعمر البيوت لخزن الحبوب بسنابلها ، حتى ملأها ، وخزن الأتبان حتى انقضت سنو الخصب ودخلت سنو القحط ، فنهى عن الزراعة فيها لعلمه أن الأرض لا تثمر فيها شيئاً ؛ فأكلوا ما عندهم حتى نفد ؛ فالتجأوا إلى الملك ، فقال الملك : عليكم بالعزيز فإن في يده خزائن الطعام . فجاءوه ، فباعهم في السنة الأولى بالدنانير والدراهم ، وفي السنة الثانية بالحلي والجواهر ، وفي الثالثة بالأراضي والعقار ، وفي الرابعة بالإماء والعبيد ، وفي الخامسة بأولادهم ، وفي السنة السادسة بأنفسهم ، حتى صاروا ملكاً له وعبيداً ، وأطعمهم في السنة السابعة لأنهم صاروا عبيده وإماءه ؛ والله أعلم .