كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 127 """"""
ثم قالوا ما أخبر الله تعالى عنهم : " يا أبانا منع منا الكيل فأرسل معنا أخانا نكل وإنا له لحافظون ، قال هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل فالله خير حافظاً وهو أرحم الرامين " .
فقال له يهوذا : يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير ذلك كيل يسير ، قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقاً من الله لتأتنني به إلا أن يحاط بكم فلما أتوه موثقهم قال الله على ما نقول وكيل .
ودعا يعقوب بقميص يوسف الذي وردوا عليه بالدم ، فألبسه بنيامين وودعهم وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغني عنكم من الله من شيء إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون ؛ ثم ساروا .
ذكر خبر دخولهم عليه في المرة الثانية
قال : فلما بلغوا مصر ودخلوا على يوسف قربهم ، ونظر إلى أخيه بنيامين وأدناه وأجلسه بين يديه .
قال الله تعالى : " ولام دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه " .
ثم قال له : أرى كل واحد من هؤلاء مع أخيه ، فما بالك منفرداً ؟ فقال : أيها العزيز ، كان لي أخ ، ولا أدري ما أصابه ، غير أنه خرج مع هؤلاء الإخوة إلى الغنم ، فذكروا أن الذئب أكله ، وردوا قميصه هذا الذي علي وهو ملطخ بالدم .
فقال لهم يوسف : يا أولاد يعقوب ، إن فيكم من يصيح بالأسد فيخر ميتاً ومن يأخذ برجل الذئب فيشقه اثنين ، وفيكم من يقتلع الشجرة من أصلها ، وفيكم من يعدو مع الفرس فيسبقه .
قالوا : نعم أيها العزيز . فقال : سوءة لكم ولقوتكم إذ يعدو الذئب على أخيكم فيأكله . فقالوا : إذا جاء القضاء ذهبت القوى .
فسكت يوسف ، ثم أمر لهم بخمس موائد ، وأمر كل اثنين منهم أن يجلسا على مائدة ؛ ثم وضعت أخرى بين يدي بنيامين ، فبكى ؛ فقال له : ما يبكيك ؟ قال : أيها

الصفحة 127