كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 128 """"""
العزيز ، إخوتي يأكلون كل واحد مع أخيه ، وأنا وحدي ، ولو كان أخي يوسف باقياً أكل معي .
فقال يوسف : يا فتى ، أنا لك كالأخ . ثم نزل عن السرير وأكل معه .
فلما فرغوا من الأكل جعل يوسف يسألهم عن أرض كنعان وهم يخبرونه .
ثم خرج صبي من القصر يتثنى ، فنظر إليه بنيامين وبكى ؛ فقال له يوسف : مم بكيت ؟ قال : هذا الصبي يشبه أخي يوسف ، فبكيت لأجله .
فقال يوسف : هل فيكم من حزن على يوسف ؟ قالوا : نعم ، كلنا حزنا عليه وبنيامين أشد منا حزناً .
ثم قال : فما الذي حملتم من البضاعة ؟ قالوا : لم نحمل شيئاً ، لأنه لم يكن لنا شيء ، غير أنا رددنا عليك البضاعة التي وجدناها في رحالنا ، لأنها ثمن الطعام الذي حملناه من عندك .
فأمر أن يعطوا من الطعام ما تحمله إبلهم ، وأمر غلمانه أن يجعلوا الصواع في رحل بنيامين ؛ فكانوا يكيلون وإخوة يوسف يخيطون الأعدال ، حتى فرغوا .
ورحل إخوة يوسف وهم لا يشعرون بالصواع .
وقال الثعلبي : كانت السقاية مشربة يشرب فيها الملك ، وكانت كأساً من ذهب مكللة بالجوهر ، جعلها يوسف مكيالاً يكال بها . قال الله تعالى : " فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون ، قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون ، قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم ، قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين ، قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين ، قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين " .
فعند ذلك أمر يوسف أن تفتش رحالهم . قال الله تعالى : " فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله " الآية .

الصفحة 128