كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)
"""""" صفحة رقم 132 """"""
ذكر خبر دخولهم عليه في الدفعة الثالثة
قال : وساروا حتى دخلوا مصر ، فاستقبلهم روبيل ودخل معهم ، فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين ؛ وناولوه الكتاب ؛ فقبله وقرأه ، ثم قال لهم : لو كنتم حملتم إلي هذا الكتاب قبل اليوم دفعته لكم ، ولكني قد ألقيت حديثه إلى الملك ، وأنا أكلمه فيه .
ذكر خبر حديث الصاع
قال : ثم أمر يوسف بإحضار الصاع بين يديه وقال : اجتمعوا حتى أسأل هذا الصاع عنكم . فنقر الصاع فطن ، فقال : يا بني يعقوب ، إن هذا الصاع يقول : إنكم تشهدون بالزور ؛ وإنكم كذبتم في قولكم : إن الذئب أكل أخاكم .
قالوا : ما شهدنا بالزور قط ، وما قلنا في يوسف إلا الحق . فنقر الصاع وقال : أتدرون ما يقول ؟ إنه يقول : إنكم حسدتم أخاكم ، وأخرجتموه من عند أبيه وأردتم قتله ، ثم ألقيتموه في الجب المظلم البعيد القعر . ثم نقر ثالثاً وقال : إنه يقول ، ما كذبتك فيما أقول ، ولقد أخرجوا أخاهم من الجب فباعوه بعشرين درهماً عدداً تنقص درهماً ، وأوصوا مشتريه أن يقيده حتى يبلغ أرض مصر . فتغيرت وجوه القوم ، وقالوا : ما نعرف شيئاً من هذا . ثم نقره رابعاً وقال : إنه يقول : وكتبوا كتاب البيع بخط يهوذا . فقال : أيها العزيز ، إني لم أكتب شيئاً وأنكره . فقال : مكانكم حتى أعود إليكم . ودخل على زليخا وقال : هاتي تلك الصحيفة . فأخرجتها له ؛ فأخرجها إلى يهوذا وقال : أتعرف خطك ؟ قال : نعم . فألقاها إليه فرآها وهي خطه ؛ فقال : هي خطي ، " غير أني لم أكتبه باختياري ، وإنما كتبته على عبد أبق منا " .
فغضب يوسف وقال : ألستم تزعمون أنكم من أولاد الأنبياء ، ثم تفعلوا مثل هذا .
ثم قال لأعوانه : انصبوا عشرة أشجار على باب المدينة حتى أضرب أعناق هؤلاء وأصلبهم ؛ وأجعلهم حديثاً لأهل مصر . فبكوا وقالوا : اقتلنا كيف شئت ولا تصلبنا .