كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)
"""""" صفحة رقم 133 """"""
وأقبل بعضهم على بعض وقالوا : هذا جزاؤنا بما عاملنا به أخانا . فلما أقروا كلهم بالذنب ، رفع التاج عن رأسه ، وقال : هل علمتم مل فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون ، وكان في رأسه شامة مثلها في رأس يعقوب ؛ فلما نظروا إلى الشامة عرفوها وقالوا : ءإنك لأنت يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إلى قوله : وهو أرحم الراحمين .
فعمد يوسف إلى قميصه ، وجعله في قصبة من فضة ؛ ودفعه إلى يهوذا وخلع عليهم وطيبهم ، وقال : اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيراً وائتوني بأهليكم أجمعين . فخرجوا ، وسبقهم يهوذا بالقميص . قال الله تعالى : " ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون " . قال : لما فصلت العير من أرض مصر حملت الريح رائحة القميص فشمها يعقوب ، فقال ذلك . ومعنى تفندون أي تكذبون . فقال له أهله : - وقيل بنو بنيه - تالله إنك لفي ضلالك القديم ، معناه في حبك القديم ليوسف .
فلما وصل يهوذا بالقميص ودخل على يعقوب ألقاه على وجهه وقال : خذها بشارة . فعاد بصره من ساعته ، وخر ساجداً لله . قال الله تعالى : " فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيراً " الآية .
وجاء بنوه وقالوا : يا نبي الله ، نحن الذين غيبنا يوسف عنك ، ونحن الذين تيناك بخبره وهو عزيز مصر . ثم قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين ، قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم .
قال : وجاءه جبريل بناقة من نوق الجنة ، فاستوى عليها ، وخرج من أرض كنعان يريد مصر ومعه أولاده وأهله ، وهم ثمانية وسبعون إنساناً ، فدعا لعم يعقوب فما دخل أولاده مصر إلا وقد غفر لهم ؛ وخرج يوسف لملتقى أبيه ومعه خلق كثير فلما رآه يوسف ترجل عن فرسه وأبرك يعقوب ناقته ، واعتنقا وبكيا ، وقال يوسف : ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين .
قال الله تعالى : " ورفع أبويه على العرش وخروا له سجداً " يعني الأب والخال ، " وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقاً وقد أحسن