كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)
"""""" صفحة رقم 134 """"""
بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزع الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم " .
قال : وكان بين مفارقته ووقت الاجتماع أربع وثلاثون سنة .
وقال الحسن : كان بين خروج يوسف إلى يوم الالتقاء معه ثمانون سنة لم تجف عيناه .
وأقام يعقوب بمصر أربعين سنة . وقيل : أربعاً وعشرين سنة ؛ ثم أمره الله أن يرتحل إلى أرض كنعان لاقتراب أجله ؛ فارتحل ومات هناك ، ودفن إلى جانب أبيه إسحاق .
وحكى الثعلبي - رحمه الله - أن يعقوب مات بمصر ، وأوصى يوسف أن يحمل جسده إلى الأرض المقدسة حتى يدفنه عند أبيه إسحاق وجده إبراهيم ؛ ففعل ذلك ، ونقله في تابوت من ساج إلى البيت لمقدس ، وخرج معه في عسكره وإخوته وعظماء أهل مصر ، ووافق ذلك اليوم وفاة عيصو ، فدفنا في يوم واحد ، وكان عمرهما جميعاً مائة سنة وسبعاً ولأربعين سنة ، لأنهما ولدا في بطن واحد ، وقبرا في قبر واحد .
ذكر دعوة يوسف - عليه السلام - وارتحاله عن بلد الريان
قال : ثم إن يوسف - عليه السلام - دعا أهل مصر إلى الإيمان سراً وعلانية ، فآمن به كثير منهم ، وكسروا الأصنام ، وصارت الغلبة للمسلمين ؛ فاستدعاه ريان بن الوليد وقال له : أيها العزيز ، إن أهل مصر يحبونك وقد كرهوك بسبب أديانهم ، فما لك وأديانهم ؟ فقال يوسف : قد بلغني ذلك وأنا راد عليك ما خولتنيه ، ومتحول عنك وعن قومك بأهل ملتي ، فإني لا أحب أن أكون من عبدة الأوثان .
وخرج يوسف هو وأولاده وإخوته وقومه الذين آمنوا حتى نزل الموضع الذي استقبل أباه يعقوب عنده ؛ فجاءه جبريل وخرق له نهراً من النيل إلى هناك ، وهو نهر الفيوم ، ولحق به كثير من الناس ، وآمنوا ، وابتنى مدينتين وسماهما بالحرمين وكان لا