كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 141 """"""
ناوله جبريل خلعتين ، فأتزر بواحدة وارتدى بالأخرى ؛ وناوله نعلين من الذهب شراكهما من الياقوت ؛ وناوله سفرجلة من الجنة ؛ ثم قام إلى الصلاة ، فأقبلت رحمة وقد طردها الناس من كل الأبواب ؛ فلما صارت إلى ذلك المكان رأته وقد تغير ، فظنت أنها قد أخطأت الطريق ؛ فقالت : أيها المصلي كلمني . فلم يكلمها ، وثبت في صلاته ؛ فقال له جبريل : كلمها . فقال : ما حاجتك ؟ قالت : هل عندك علم بأيوب المبتلى فإني خلفته هاهنا ولست أراه .
فتبسم أيوب وقال : إن رأيته عرفته ؟ فقالت : والله إنك لأشبه الناس به قبل بلائه . فضحك وقال : أنا أيوب . فبادرت إليه واعتنقته ، وبشرهما جبريل بأولادهما وما فقداه من الأموال وغيرها ومثلهم معهم ، وأمطر الله عليهم جراداً من ذهب ؛ وكان له بيدران ، فأرسل الله سحابتين فأفرغتا في أحدهما ذهباً وفي الآخر فضة حتى فاض أحدهما على الآخر .
قيل إنه كان له بعد العافية أربعة آلاف وكيل ، رزق كل واحد في الشهر مائة مثقال من الذهب ، وبين يديه اثنا عشر من البنين ، ومثلهم من البنات وملكه الله جميع بلاد الشام ، وأعطاه مثل عمره الذي عمره في الماضي .
فلما أدركته الوفاة أوصى أولاده أن يخلفوه في ماله كما كان يفعل مع الفقراء والمساكين والأيتام والأرامل ؛ ثم مات ، وتوفيت امرأته قبله .
وقيل : بعده بقليل ؛ فدفن إلى جانب العين التي أذهب الله بلاءه فيها .
قال الثعلبي - رحمه الله تعالى - : وكانت مدة ابتلائه ثماني عشرة سنة .
الباب السادس من القسم الثاني من الفن الخامس في خبر ( ذي الكفل
اختلف العلماء في ذي الكفل من هو ؟ فقال الكسائي : هو ابن أيوب - عليهما السلام - وذكر قصته فقال :

الصفحة 141