كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 143 """"""
رجلاً على الناس فعمل عليهم في حياتي حتى أنظر كيف يعمل . فجمع الناس وقال : من يتكفل لي بثلاثة أتستخلفه : يصوم النهار ، ويقوم الليل ، ولا يغضب .
فقام رجل شاب تزدريه العين قال : أنا . فرده ذلك اليوم ؛ وقال مثل ذلك في اليوم الآخر ؛ فسكت الناس ، وقام ذلك الرجل فقال : أنا . فاستخلفه ؛ فجعل إبليس يقول للشياطين : عليكم بفلان . فأعياهم ؛ فقال : دعوني وإياه . فجاءه في صورة شيخ فقير حين أخذ مضجعه للقائلة ، وكان لا ينام بالليل إلا تلك النومة ؛ فدق الباب ؛ فقال : من هذا ؟ فقال : سيخ مظلوم . ففتح الباب ، فجعل يقص عليه قصته ، فقال : إن بيني وبين قوم خصومة ، وإنهم ظلموني وفعلوا وفعلوا وفعلوا ؛ وجعل يطول عليه حتى حضر الرواح وذهبت القائلة ؛ فقال له : إذا رحت فإني قد آخذ بحقك . فانطلق وراح ، فكان في مجلسه ، فجعل ينظر هل يرى الشيخ ؟ فلم يره ؛ فلما رجع وأخذ مضجعه أتاه ودق الباب ، فقال : من هذا ؟ قال : أنا الشيخ المظلوم . فقال : ألم أقل لك : إذا قعدت فأتني . قال : إنهم أخبث قوم إذا عرفوا أنك قاعد قالوا : نحن نطيعك ونعطيك حقك ، وإذا قمت جحدوني .
قال : فانطلق ، فإذا رحت فأتني ، ففاتته القائلة ، فراح فجعل ينظر فلا يراه وشق عليه النعاس . فلما كانت تلك الساعة جاء فلم يأذن له الرجل ، فنظر فرأى كوة في البيت ، فتسورها فإذا هو في البيت ، وإذا هو يدق الباب من داخل ؛ فاستيقظ ذو الكفل ، وقال : يا فلان ، ألم آمرك ألا تأذن لأحد علي ؟ فقال : أما من قبلي فما أتيت ، فانظر من أين أتيت .
فقام إلى الباب فإذا هو مغلق والرجل معه في البيت ، فقال له : أتنام والخصوم ببابك ؟ فقال : فعلتها يا عدو الله . قال : نعم ، أعييتني في كل شيء ففعلت ما ترى لأغضبك ، فعصمك الله مني ، فسمي ذا الكفل ، لأنه متكفل بأمر فوفى به .
وروى الثعلبي أيضاً بسند رفعه إلى ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : سمعت رسول الله - ( صلى الله عليه وسلم ) - يحدث حديثاً لو لم أسمعه إلا مرة أو مرتين لم أحدث به ، سمعته منه أكثر من سبع مرات .

الصفحة 143