كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 144 """"""
قال : كان في بني إسرائيل رجل يقال له : ذو الكفل ، لا ينزع عن ذنب عمله ، فاتبع امرأة فأعطاها ستين ديناراً على أن تعطيه نفسها ؛ فلما قعد منها مقعد الرجل من المرأة أرعدت وبكت ؛ فقال : ما يبكيك ؟ قالت : من هذا العمل ما عملته قط . قال : أكرهته ؟ قالت : لا ، ولكن حملتني عليه الحاجة . قال : اذهبي فهي لك . ثم قال : والله لا أعصي الله أبداً . فمات من ليلته . فقيل : مات ذو الكفل فوجدوا على باب داره مكتوباً : إن الله قد غفر لذي الكفل .
وقال أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - إن ذا الكفل لم يكن نبياً ولكنه كان عبداً صالحاً ، تكفل بعمل رجل صالح عند موته ، فكان يصلي لله تعالى في كل يوم مائة صلاة ، فأحسن الله - عز وجل - عليه الثناء .
وقيل : كان رجلاً عفيفاً ، تكفل بشأن رجل وقع في بلاء ، فأنجاه الله تعالى .
وقيل : ذو الكفل ، هو إلياس النبي عليه السلام .
وقيل : هو زكريا النبي عليه السلام ؛ والله تعالى أعلم .
الباب السابع من القسم الثاني من الفن الخامس في خبر شعيب - عليه السلام -
هو شعيب بن صنعون بن عفا بن نابت بن مدين بن إبراهيم عليه السلام .
قال : وعاش مدين عمراً طويلاً ، وكان قد تزوج امرأة من العمالقة فولدت له أربعة بنين ، ونسلوا فكثر عددهم في حياة مدين ، فلما رأى كثرة عقبه جمعهم وأشار عليهم أن يبنوا مدينة ويحصنوها من العمالقة ؛ ففعلوا ذلك ، وجعلوا أبوابها من الحديد ، وسموها مدين باسم أبيهم ، وجعلوها محال لقبائلهم ، فرغبت العمالقة في مجاورتهم ، وامتلأت المدينة من العمالقة ومن أهلها حتى ضاقت بهم ، فخرجت العمالقة من مدين ونزلوا بالأيكة - وكانت غيضة عن يمين مدين - فبنوا هناك

الصفحة 144