كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)
"""""" صفحة رقم 146 """"""
آبائنا في بلدنا ؟ قال : ليس هذا من السنة . فعذلهم ، فلم يرجعوا إلى قوله وضربوا الرجل حتى أدموه ، وانصرف شعيب إلى منزله .
ذكر مبعث شعيب - عليه السلام -
قال : فأتاه جبريل في الحال ، وأخبره أن الله تعالى قد بعثه رسولاً إلى أهل مدين وأصحاب الأيكة وغيرهم ممن يعبدون الأصنام ، وأمره أن يدعوهم إلى عبادة الله وطاعته ، وألا يبخسوا الناس أشيائهم .
قال : وأقبل شعيب إلى أهل مدين وقال لهم ما أخبر الله تعالى به في كتابه : " وإلى مدين أخاهم عيباً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط ، ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشيائهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين بقيت الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ " .
فلما سمعوا ذلك منه أجابوه بما أخبر الله به عنهم : " قالوا يا شعيب أصلوتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد ، قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقاً حسناً وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ، ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثلما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد ، واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود " . ثم انصرف عنهم وعاد إليهم من الغد وقد اجتمعوا مع ملكهم أبي جاد ؛ فوقف عليهم ونهاهم عن عبادة الأصنام وبخس المكيال والميزان ؛ فقالوا له : " يا شعيب ما نفقه كثير مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفاً ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز ، قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهرياً إن ربي بما تعملون محيط " .