كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 148 """"""
آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا " إلى قومه : " ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين " .
قال : وإذا بريح قد هاجت عليهم فيها من الحر والكرب ما لا طاقة لهم به حتى رموا أنفسهم في الآبار والسراديب ، واشتد الحر ودام عليهم مدة وهم لا يزدادون إلا عتواً وتمرداً ، وشعيب يدعوهم ويحذرهم العذاب ؛ فيقولون : لسنا نرى من عذاب ربك إلا هذا الحر ، ونحن نصبر عليه .
وأقاموا كذلك أعواماً كثيرة وهم لا يؤمنون ؛ فأرسل الله عليهم الذباب الأزرق ، فكان يلدغهم كالعقارب ، وربما قتل أولادهم ؛ ثم تضاعف الحر عليهم فتحولوا من مدين إلى الأيكة ، فتضاعف الحر عليهم ، وتنقلوا من الأودية إلى العياض والحر يشتد عليهم ، حتى اسودت وجوههم ، فأقبل إليهم شعيب ودعاهم إلى الإيمان ؛ فنادوه : يا شعيب ، إن كان ما نلقاه لكفرنا بك وبربك فزدنا منه فإنا لا نؤمن . فأوحى الله إليه أنه مهلكهم ، فتحول عنهم .
ذكر خبر الظلة
قال الله تعالى : " فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم ، إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين " . قال : ولما كان من غد يوم مقالتهم ما قالوه لشعيب وهو يوم الأربعاء فانطبقت عليهم حتى لم يبصر بعضهم بعضاً ؛ واشتد الحر ؛ ثم رمت بوهجها وحرها حتى أنضجت أكبادهم وأحرقتهم وجميع ما كان على وجه الأرض ، وشعيب والمؤمنون ينظرون إلى ما نزل بهم ، ويتأملون مصارعهم ، ولم ينلهم من ذلك مكروه . قال الله تعالى : " ولما جاء أمرنا نجينا شعيباً والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة " يعني صيحة جبريل " فأصبحوا في ديارهم جاثمين ، كأن لم يغنوا فيها إلا بعداً لمدين كما بعدت ثمود " ثم أقبل شعيب والمؤمنون ينظرون إلى مصارع القوم . قال الله تعالى : " فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كافرين "

الصفحة 148