كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 15 """"""
كرهاً " فدخلت من يافوخه إلى عينيه ، ففتحهما آدم ونظر إلى نفسه طيناً ، ثم صارت إلى أذنيه ، فسمع تسبيح الملائكة ، وجعلت الروح يمر في رأسه والملائكة ينظرون إليه ، ثم صارت إلى الخياشيم ، فعطس ، فانفتحت المجاري المسدودة ، وصارت إلى اللسان ؛ فقال آدم " الحمد لله الذي لم يزل ولا يزول " وهي أول كلمة قالها ، فناداه الرب : " يرحمك ربك يا آدم ، لهذا خلقتك ، وهذا لك ولذريتك " ، وسارت الروح في جسده حتى بلغت الساقين ، فصار آدم لحماً ودماً وعظماً وعروقاً ، غير أن رجليه من طين ؛ فذهب ليقوم فلم يقدر وهو قوله تعالى " وكان الإنسان عجولا " .
فلما صارت إلى الساقين والقدمين استوى قائماً على قدميه يوم الجمعة .
فقيل : إن الروح استوت في جسده في خمسمائة عام عند نزول الشمس .
ذكر سجود الملائكة لآدم
قال : فلما استوى قائماً أمر الله الملائكة بالسجود له ؛ فسجدوا كلهم إلا إبليس ، كما أخبر الله تعالى عنه ؛ قال الله تعالى : " فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين " الآيات .
قال : وكان السجود لآدم يوم الجمعة عند الزوال ، فبقيت الملائكة في سجودها إلى العصر .
قال وعلم الله تعالى آدم الأسماء كلها واللغات بأجمعها .
قال ابن عباس - رضي الله عنهما - علمه حتى لغة الحيتان والضفادع وجميع ما في البر والبحر ، ثم أمر الملائكة أن يحملوه على أكتافهم ، ويطوفون به في طرائق السموات ؛ ففعلوا ذلك .
ثم أمر جبريل أن ينادي في صفوف الملائكة أن يجتمعوا ؛ فاجتمعوا واصطفوا عشرين ألف صف ، ووضع لآدم منبر الكرامةة ، وعليه ثياب السندس

الصفحة 15