كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 158 """"""
عقل ، وأنا أريك أنه لا يعقل ؛ وأمرت بإحضار طست وطرحت فيه درة وجمرة ، وقدمته إلى موسى ، فأراد أن يأخذ الدرة ؛ فصرف جبريل يده عنها إلى الجمرة ، فأخذها ورفعها إلى فيه ، فاحترق لسانه ، فقذفها من فيه وبكى بكاء شديداً ؛ فقالت آسية لفرعون : علمت أنه لا يميز بين الدرة والجمرة ؟ فسكن عند ذلك .
قال : فلما تم لموسى سبع سنين ، جلس في بعض الأيام مع فرعون على سريره فقرصه فرعون ، فغضب موسى ونزل عن السرير وضرب قوائمه برجله ، فكسر قائمتين منه ، فسقط فرعون عنه ، وانهشم أنفه وسال الدم على لحيته ؛ فبادر موسى ودخل على آسية وأعلمها بالخبر ، وتبعه فرعون إليها وأراد قتله ؛ فقالت : ألا يسرك أن يكون ولدك بهذه القوة يدفع أعدائك عنك ؟ ولاطفته حتى سكن غضبه .
ثم ظهر له من المعجزات والآيات ما لا يظهر إلا للأنبياء وفرعون يكرمه ؛ والله الموفق .
ذكر خبر القبطي وخروج موسى من مصر
قال : ولما كبر موسى صار يركب من مراكب فرعون ويلبس من ملابسه ؛ وكان يدعى : موسى بن فرعون ؛ فامتنع بسببه الظلم عن بني إسرائيل ، ولم يعلم إلا أن ذلك من قبل الرضاعة ؛ واتفق ركوب فرعون ، فركب موسى في أثره والمدينة مغلقة الأسواق ، وليس بها أحد ؛ قال الله تعالى : " ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه " فكان الذي من شيعته فتى من بني إسرائيل ، والذي من عدوه رجل من القبط ، وهو طباخ لفرعون ، وقد أخذ حطباً للطعام ، وهو يريد الإسرائيلي على حمله وقد امتنع ؛ فلما مر بهما استغاثه الإسرائيلي ؛ فقال للطباخ : اتركه . فامتنع من تركه ؛ فوكزه موسى في صدره فمات ؛ فندم موسى على قتله ؛ قال الله تعالى : " فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين " الآيات .
قال : فأصبح في المدينة خائفاً يترقب .
وجاء القبط وشكوا إلى فرعون أن بني إسرائيل قتلوا رجلاً منهم ؛ فأمرهم أن يطوفوا على قاتله ؛ وخرج موسى في اليوم الثاني ، فإذا الذي استنصره بالأمس

الصفحة 158