كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)
"""""" صفحة رقم 159 """"""
يستصرخه على قبطي آخر ، والقبطي يقول : هذا الذي قتل ابن عمي بالأمس . فقال الإسرائيلي : أعني يا موسى على هذا ، فإنه يريد أن يحملني إلى دار فرعون قال له موسى إنك لغوي مبين .
قال : ثم لم يجد موسى بداً من نصرة الإسرائيلي ، فحسر عن ذراعيه ، ودنا من القبطي ؛ فظن الإسرائيلي أن موسى يريد أن يبطش به ، فقال ما أخبر الله به عنه : " فلما أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفساً بالأمس إن تريد إلا أن تكون من جباراً في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين " .
فلما سمع القبطي كلام الإسرائيلي لموسى تحقق أن موسى قاتل ابن عمه ؛ فدخل إلى دار فرعون وأخبره أن موسى هو الذي قتل القبطي ؛ قال : ومن أعلمك ؟ فقص عليه القصة ؛ فأذن فرعون لأولياء المقتول في قتل موسى حيث وجدوه ؛ فجاء حزقيل - وكان مؤمناً من آل فرعون - وأعلم موسى بالخبر .
قال الله تعالى : " وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين ، فخرج منها خائفاً يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين ، ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل " .
ومضى بغير زاد ولا راحلة ؛ فمر براع في طريقه ، فأعطاه موسى ثيابه ، وأخذ جبة الراعي وكساه ، وسار فوصل إلى مدين في اليوم السابع وقد أجهده الجوع .
قال : وكان موسى يسير بالليل ودليله النجم ، فإذا جاء الصبح جاءه أسدان يدلانه على الطريق ؛ فكان هذا دأبه وهما كذلك حتى ورد مدين ؛ والله الهادي .
ذكر خبر ورود موسى مدين وما كان بينه وبين شعيب وزواجه ابنته
قال الله تعالى : " ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير " وكانتا ابنتي شعيب عليه السلام .