كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 16 """"""
الأخضر وله ضفيرتان محشوتان بالمسك والعنبر بطوله ، وعلى رأسه تاج من ذهب مرصع بالدر والجوهر ، فانتصب على المنبر ، وسلم على الملائكة ، فأحابته برد السلام وخطب فحمد الله ، ثم ذكر علم السموات والأرضين وما فيهما ، وذلك قوله تعالى : " وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العلنيم الحكيم قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم أني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون " .
ونزل آدم عن منبره ، فجيء بقطف من عنب أبيض فأكله ، وهو أول شيء أكله من طعام الجنة ، ثم أخذته سنة فنام .
ذكر خلق حواء عليها السلام
قال : ولما نام آدم خلق الله تعالى حواء من جنبه الأيسر ، من ضلعه مما يلي الشرسوف ، وهو ضلع أعوج ، قال الله تعالى : " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها " فكانت على طول آدم وحسنه وجماله ، إلا أنها أرق جلداً منه ، وأحسن صوتاً ، ولها ضفائر مرصعة محشوة بالمسك تسمع لذوائبها خشخشة ، فجلست عند رأسه ، فانتبه فرآها ، فتمكن حبها من قلبه ، فقال : يا رب ، من هذه ؟ قال : أمتي حواء .
فقال : يا رب لمن خلقتها ؟ قال : لمن أخذها بالأمانة ، وأصدقها الشكر .
قال : يا رب ، أنا أقبلها على هذا فزوجنيها .
فزوجها إياه قبل دخول الجنة على الطاعة والتقوى والعمل الصالح ، ونثرت عليهما الملائكة من ثنار الجنة ، وأوحى الله إلى آدم ، أن اذكر نعمتي عليك ، فإني خلقتك ببديع فطرتي ، وسويتك بشراً على مشيئتي ، ونفخت فيك من روحي ، وأسجدت لم ملائكتي ، وحملتك على أكتافهم ، وجعلتك خطيبهم ، وأطلقت على لسانك جميع اللغات ، وجعلت ذلك كله فخراً وشرفاً لك ، وهذا إبليس قد أبلسته ولعنته حين أبى أن

الصفحة 16