كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)
"""""" صفحة رقم 163 """"""
قال : ثم تذكر موسى ما كان كنه فقال : رب إنيقتلت منهم نفساً فأخاف أن يقتلون . فنودي : يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون . ثم ذكره الله مننه عليه فقال : " ولقد مننا عليك مرة أخرى " الآيات ؛ ثم قال الله تعالى : " اذهبا إلى فرعون إنه طغى ، فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى ، قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى ، قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى ، فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى " .
قال : وكان الخطاب لموسى وحده ، والرسالة له ولهارون .
قال : وأما ابنة شعيب فاشتد بها الطلق ، وسمع سكان الوادي من الجن أنينها ، فأتوها وأوقدوا النار عندها ، وقبلوها ؛ وقيض الله تعالى لها من ردها إلى أبيها ؛ والله المعين .
ذكر خبر مسير موسى إلى مصر واجتماعه بأخيه هارون وأمه
قال الكسائي : وسار موسى من الطور حتى بلغ العمران ؛ وكان هارون يومئذ وزيراً لفرعون على عادة أبيه لا يفارقه ليلاً ولا نهاراً ؛ فبينما هو نائم إلى جنب سرير فرعون إذ أتاه آت في منامه ومعه شراب في كأس من الياقوت ، وقال : يا هارون اشرب هذه الشربة فهي بشارة بقدوم أخيك من أرض مدين ، وأنت شريكه في الرسالة إلى فرعون .
فانتبه هارون فزعاً وظن ذلك من الشيطان ، وعاد إلى النوم ، فعاوده القائل ثلاث مرات ؛ ثم قال له : قم إلى أخيك - وكانت الأبواب مغلقة - فاحتمله الملك إلى قارعة الطريق وقال له : امض واستقبل أخاك . ثم أتاه جبريل بوحي الله وبشره بالرسالة ، وحمله إلى شاطئ النيل ، وموسى إلى الجانب الآخر ؛ فكان يكلمه والريح تحمل كلامه إلى هارون ؛ ثم أذن لهما الله أن يلتقيا ؛ فجاء موسى إلى الجانب الآخر ، فالتقيا ؛ وبشره بشركته في الرسالة ؛ ثم أقبلا إلى أمهما وجبريل معهما ، فطرق هارون الباب وأمه في صلاتها ، فقامت من محرابها وقالت : من بالباب ؟ فقال موسى : أنا ولدك موسى وأخي هارون . ففتحت الباب ، ووقعت مغشياً عليها من الفرح ؛ ثم