كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)
"""""" صفحة رقم 164 """"""
أفاقت ؛ وذكر لها موسى ما كان من أمره ؛ فسجدت لله تعالى ؛ ثم حمل جبريل هارون وأعاده عند رأس فرعون ؛ وأقام موسى بقية ليلته عند أمه ، وخرج من الغد متنكراً ، فنظر إلى ما أحدثه فرعون في أرض مصر ورجع حتى أقبلت الليلة الثانية ، فخرج وجاء إلى قصر فرعون وبه الحجاب والحرس والجنود ، فقرع الباب بعصاه ، فانفتح ودخل حتى بلغ القبة الأرجوانية ، فانفتحت وعبرها وفرعون نائم بها ، وهارون عند رأسه ؛ فقام إليه هارون وقال : لقد عجلت يا أخي . وأخرجه ؛ فانصرف ، وغلقت الأبواب كما كانت .
فلما كان من الغد جاء إلى فرعون فعرفه بعضهم ، وأنكره البعض ، وجاء بعض الوزراء إلى فرعون وأخبره به ، فأرعدت فرائصه ، وأمر هامان أن يخرج إليه ؛ فخرج وسأله عن اسمه ، فأخبره أنه موسى ؛ فعاد هامان إلى فرعون وأعلمه أنه هو ؛ فنظر إلى هارون وقال : أيقدم أخوك ولم تعلمني به ؟ فقال : أردت ذلك وإنما خشي غضبك .
ذكر خبر دخول موسى عليه السلام إلى فرعون وما كان من أمره معه
قال : وأمر فرعون أن يزين قصره ، وجلس والتاج على رأسه ، ووقف الوزراء عن يمينه وشماله ، وأحضر موسى ؛ فلما رآه عرفه ، ثم قال له : من أنت ؟ قال : أنا عبد الله ورسوله وكليمه . قال : أنت عبد فرعون . قال : إن الله أعز من أن يكون له ند . قال له فرعون : إلى من أرسلت ؟ قال : إليك وإلى جميع أهل مصر . قال : فبماذا ؟ قال : أن يقولوا لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأني موسى عبده ورسوله . قال فما حجتك ؟ فإن لكل مدع بينة . قال : إن أتيتك ببينة تؤمن ؟ قال : نعم . قال موسى : يا هارون ، انزل عن الكرسي وبلغ فرعون الرسالة . فنزل وقال : يا فرعون . إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى . فقال فرعون : فمن ربكما يا موسى ، قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ، الآيات .