كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 19 """"""
أني معك في الجنة ، وأحدثك بكل ما فيها ، وأنا صادقة في كل ما حدثتك به ؟ قالت حواء : نعم ، قال إبليس : يا حواء ، أخبريني ما الذي أحل لكما ربكما من هذه الجنة وحرم عليكما ؟ فأخبرتته بما نهاهما عنه ؛ فقال إبليس : لماذا نهاكما عن شجرة الخلد ؟ فقالت حواء : لا أعلم ببذلك ، قال : أنا أعلم ، إنما نهاكما لأنه أراد ألا يفعل بكما ما فعل بالعبد الذي مأواه تحت شجرة الخلد .
هذا وحواء تظن أن الخطاب لها من الحية ؛ فوثبت حواء عن سريرها لتنظر إلى العبد ، فخرج إبليس من فيها كالبرق ، فقعد تحت الشجرة ، فأقلبت حواء فوقفت بالبعد منه ونادته : من أنت أيها الشخص ؟ قال : خلق من خلق الله ، خلقني من نار كما ترينني ، وأنا هنا في الجنة منذ ألفي عام ، خلقني كما خلقكما بيده ، ونفخ في من روحه ، وأسجد لي ملائكته ، وأسكننى جنته ، ونهاني عن أكل هذه الشجرة ، فكنت لا آكل منها ، حتى نصحني بعض الملائكة وقال لي : كل منها ، فإن من أكل منها كان مخلداً في الجنة أبداً ، فأكلت منها ، فأنا في الجنة إلى وقتي هذا ، وقد أمنت الهرم والسقم والموت والخروج من الجنة .
ثم قال : والله " ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين " ثم نادى : يا حواء اسبقي وكلي قبل زوجك ، فمن سبق كان له الفضل على صاحبه ، فأقبلت حواء إلى آدم وهي مستبشرة فرحة ، فأخبرته بخبر الحية والشخص ، وأنه قد حلف لها بأنه لهما لمن الناصحين ، فذلك قوله تعالى : " وقاسمهما إني لكما من الناصحين " ؛ وتقدمت حواء إلى الشجرة ولها أغصان لا تحصى ، وعلى الأغصان سنابل ، كل حبة منها مثل قلال هجر ، ولها رائحة كالمسك ، أبيض من اللبن وأحلى من العسل ، فأخذت منها سبع سنابل من سبعة أغصان ، فأكلت واحدة وادخرت واحدة ، وجاءت بخمس إلى آدم .
قال ابن عباس - رضي الله عنها - : لم يكن لآدم في ذلك أمر ولا إرادة بل كان في سابق العلم ، لقوله تعالى : " وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة " .
فتناول آدم السنابل من يدها ، وقد نسي العهد الذي أخذ عليه من

الصفحة 19