كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)
"""""" صفحة رقم 195 """"""
تعالى من حديث العجل ، فقالوا : هذا قتال في المحلة . قال موسى لهم : لا ولكنها أصوات الفتنة ، افتتن القوم بعدنا بعبادة غير الله تعالى .
ذكر خبر رجوع موسى إلى قومه وما كان من أمرهم
قال الله عز وجل : " ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفاً قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر بكم " وذلك أنه لما رآهم حول العجل وما يصنعون فيه ألقى الألواح من يده فتكسرت ، فصعد عامة الكلام الذي فيها ، ولم يبق إلا سدسها ، ثم أعيدت له في لوحين .
روى عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - ( صلى الله عليه وسلم ) - قال : ليس المعاين كالمخبر ، قال الله تعالى لموسى : إن القوم قد افتتنوا فلم يلق الألواح ، فلما عاين ألقى الألواح فكسرها .
قالوا : فلما رأى موسى ما صنع قومه من بعده من عبادة العجل ، أخذ شعر رأس أخيه هارون بيمينه ، ولحيته بشماله وقال له : يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن أفعصيت أمري ، هلا قاتلتهم إذ علمت أني لو كنت فيما بينهم لقاتلتهم على كفرهم ؟ فقال هارون : يا بن أم ؛ قال المفسرون : كان هارون أخا موسى لأبيه وأمه ، ولكنه أراد بقوله : يا بن أم تقريبه واستعطافه عليه ، لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت ، إن أقاتلهم أن يصيروا حزبين يقتل بعضهم بعضاً ، فتقول : فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي ، ولم تحفظ وصيتي حين قلت لك : اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين . وقال : إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين . فقال موسى : رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين .
قال : ثم أقبل موسى على السامري فقال له : ما خطبك يا سامري ، أي ما أمرك وشأنك ؟ فقال السامري : بصرت بما يبصروا فقبضت قبضة من أثر الرسول ، أي أخذت تراباً من أثر فرس جبريل فنبذتها وطرحتها في العجل وكذلك سولت لي نفسي ، أي زينت .
قال : فلما علم بنو إسرائيل أنهم قد أخطأوا وضلوا في عبادتهم العجل ، ندموا على ذلك واستغفروا ، كما قال الله تعالى : " ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا