كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)
"""""" صفحة رقم 197 """"""
أي لعذابك في القيامة . " وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفاً لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفاً " .
قال : وأمر موسى بني إسرائيل ألا يخالطوا السامري ولا يقاربوه ، فصار السامري وحشاً لا يألف ولا يؤلف ولا يدنو من الناس ولا يمس أحد منهم فمن مسه قرض ذلك الموضع بالمقراض ، فكان ذلك دأبه حتى هلك .
ذكر خبر امتناع بني إسرائيل من قبول أحكام التوراة ورفع الجبل عليهم وإيمانهم
قال الكسائي : ثم أقبل موسى على بني إسرائيل بالتوراة وقال : هذا كتاب ربكم فيه الحلال والحرام والأحكام والسنن والفرائض ورجم الزاني والزانية المحصنين وقطع يد السارق ، والقصاص في كل ذنب يكون منكم . فضجوا من ذلك وقالوا : لا حاجة لنا في هذه الأحكام ، وما كنا فيه من عبادة العجل كان أرفق بنا من هذا .
قال : فلما امتنعوا من قبول أحكام الله عز وجل قال موسى : يا رب قد علمت أنهم ردوا كتابك وكذبوا بآياتك . فأمر الله تعالى جبريل أن يرفع عليهم جبل طور سيناء في الهواء ، قال الله عز وجل : " وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة " " واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا " ؛ فجعل الجبل يدنوا منهم حتى ظنوا أنه يسقط عليهم ؛ فآمنوا وخروا سجداً على أنصاف وجوههم وهم ينظرون إلى الجبل بالنصف الآخر ؛ فلأجل ذلك سجود اليهود كذلك . ورد الجبل عنهم .
ذكر خبر الحجر الذي وضع موسى عليه السلام ثيابه عليه
قال : وكانوا إذا اغتسلوا لا يسترون عوراتهم ، وإذا اغتسل موسى يستتر فظنوا أن في بدنه عيباً فتكلموا بذلك ، وكان موسى - عليه السلام - إذا اغتسل وضع ثوبه على حجر وقرعه بعصاه فيتفجر الماء منه ، فيغتسل ثم يلبس ثوبه ؛ ففعل ذلك في بعض الأيام ، فلما أراد أن يلبس ثوبه انقلع الحجر من موضعه ومر على وجه الأرض وعليه ثوب موسى ؛ فعدا موسى خلفه وهو يقول : " ثوبي يا حجر ثوبي يا حجر " ولم يزل يعدو حتى وقف على بني إسرائيل ، فنظروا إلى موسى ولا عيب فيه ، فندموا على ما كان منهم ؛ قال الله تعالى : " فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيهاً " .