كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 198 """"""
ذكر خبر طلب بني إسرائيل رؤية الله تعالى وهلاكهم بالصاعقة وكيف أحياهم الله - عز وجل - وبعثهم من بعد موتهم
قال الله تعالى : " وإذا قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ، ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون " . وذلك أن الله تعالى أمر موسى - عليه السلام - أن يأتيه في ناس من بني إسرائيل يعتذرون إليه من عبادة العجل ؛ فاختار موسى - عليه السلام - سبعين رجلاً من قومه من خيارهم ، وكان قد اختار من كل سبط ستة نفر ، فصاروا اثنين وسبعين ، وقال : إنما أنرت بسبعين فليتخلف منكم رجلان . فتشاحنوا على ذلك ، فقال موسى : إن لمن قعد مثل أجر من خرج . فقعد يوشع بن نون وكالب بن يوقنا ، فقال موسى للسبعين : صوموا وتطهروا وطهروا ثيابكم . ففعلوا ذلك فخرج بهم موسى عليه السلام إلى طور سيناء لميقات ربه ؛ فلما بلغوا ذلك الموضع قالوا لموسى : اطلب لنا نسمع كلام ربنا . فقال : أفعل . فلما دنا موسى من الجبل وقع عمود الغمام عليه وتغشى الجبل كله ، فدخل في الغمام وقال للقوم : ادنوا . وكان موسى عليه السلام إذا كلمه ربه عز وجل - وقع على وجهه نور ساطع لا يستطيع أحد من بني آدم أن ينظر إليه ؛ فضرب دونه الحجاب ، ودنا القوم حتى دخلوا في الغمام وخروا سجداً ، وسمعوه وهو يكلم موسى يأمره وينهاه ؛ فأسمعهم الله تعالى : إني أنا الله لا إله إلا أنا ذو الملك ، أخرجتكم من أرض مصر فاعبدوني ولا تعبدوا غيري . فلما فرغ موسى وانكشف الغمام أقبل إليهم فقالوا : لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ، أي لن نصدقك ، فأخذتهم الصاعقة ، وهي نار جاءت من السماء فأحرقتهم جميعاً .
وقال وهب بن منبه : أرسل الله عليهم جند من السماء ، فلما سمعوا حسها ماتوا في يوم وليلة . فلما هلكوا جعل موسى - عليه السلام - يبكي ويتضرع ويقول : يا رب ماذا أقول لبني إسرائيل إذا أتيتهم وقد أهلكت خيارهم ولو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلك بما فعل السفهاء منا ، فلم يزل يناشد ربه حتى أحياهم الله - عز وجل - رجلاً بعد رجل ينظر بعضهم إلى بعض كيف يحيون . حكاه الثعلبي في تفسيره .

الصفحة 198