كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)
"""""" صفحة رقم 199 """"""
وقال الكسائي في هذه القصة : أقبل بنو إسرائيل على موسى وقالوا : أرنا الله جهرة . فأوحى الله تعالى إليه : أكلهم يريد ذلك ؟ - وهو أعلم - فقال الصالحون منهم : إن الله أجل من أن نراه في الدنيا .
وقال الباقون : إنما امتنع هؤلاء لضعف قلوبهم . فأوحى الله تعالى إليه : أن اختر منهم سبعين رجلاً وسربهم إلى جبل الطور ؛ فسار بهم ، ووقع الغمام على الجبل حتى أظله وأتاه موسى وهم معه ؛ فأمر الله تعالى الملائكة أن تهبط إلى الجبل بزيها وصورها ؛ فلما نظر بنو إسرائيل إليهم أخذتهم الرعدة والخوف ، وندموا على ما كانوا منهم ، ونودوا من قبل السماء : يا بني إسرائيل فصعقوا كلهم وماتوا . وساق نحو ما تقدم .
قال : ورجعوا إلى قومهم وخبروهم بما رأوا .
ذكر خبر قارون
قال المفسرون : إن قارون كان ابن عم موسى ، لأنه قارون بن يصهر ابن قاهث .
وقال ابن إسحاق : هو عم موسى ، لأن يصهر بن قاهث تزوج شميش بنت ماويب بن بركيا بن يقشان بن إبراهيم ، فولدت له عمران بن يصهر وقارون بن يصهر . فعلى هذا القول يكون عم موسى ؛ وعلى قول الآخرين يكون ابن عمه ، وعليه عامة أصحاب التواريخ ؛ وعليه أهل الكتاب ، لا خلاف عندهم في ذلك قالوا : وكان قارون أعلم بني إسرائيل بعد موسى وهارون وأفضلهم وأجملهم .
قال قتادة : وكان يسمى المبشور لحسن صورته ، ولم يكن في بني إسرائيل أقرأ للتوراة منه ، ولكن عدو الله نافق كما نافق السامري ، فبغى على قومه ، كما قال تعالى : " إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم " .
قال الثعلبي : واختلفوا في معنى هذا البغي ما هو ، قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : كان فرعون قد ملك قارون على بني إسرائيل ، وكان يبغي عليهم ويظلمهم .