كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 20 """"""
أجلها ، فذلك قوله تعالى : " ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما " فذاق من الشجرة كما ذاقت حواء ، قال الله تعالى : " فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما " .
قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : والذي نفسي بيده ما ساغ آدم من تلك السنابل سنبلة واحدة حتى طار التاج عن رأسه ، وعري من لباسه ، وانتزعت عنه خوتمه ، وسقط كل ما كان على حواء من لباسها وحليها وزينتها ، وناداهما كل ما طار عنهما : " يا آدم طال حزنك ، وعظمت رزيتك ، وعليك السلام إلى يوم اللقاء " .
ولم يبق عليهما من لباسهما شيء ، " وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين " ؛ ونظر كل منهما إلى سوءة صاحبه ؛ وهرب إبليس فسار مستخفياً في طرائق السموات ، وصاح آدم صيحة عظيمة ، ولم يبق فس لبجنة شيء إلا لامه ، وانقبضت عنه الأشجار ، فلما كثرت عليه الملامات فر هارباً على وجهه ، فالتفت عليه شجرة الطلح وأمسكته ونادته : إلى أين تهرب يا عاصي ، واضطربت الملائكة لذلك ، والله الموفق للصواب .
ذكر خروج آدم وحواء من الجنة
قال : وأمر الله جبريل فجاء إلى آدم وقبض على ناصيته ، وخلصه من الشجرة ، فلما صار به إلى باب الجنة وأخرج رجله اليمنى وبقيت اليسرى ، نودي : يا جبريل قف به على باب الجنة حتى يخرج معه أعداؤه الذين حملوه على أكل الشجرة لكي يراهم ويرى ما يفعل بهم .
فوقفه هنالك ، فناداه الرب : يا آدم إنما خلقتك لتكون عبداً شكوراً ، لا لتكون عبداً كفوراً .
قال : يا رب أسألك أن تعيدني إلى تربتي التي خلقتني منها لأكون تراباً كما كنت أول مرة . قال : يا آدم ، كيف أعيدك إلى تربتك وقد سبق علمي أن أملأ من ظهرك الجنة والنار .
وأخرج آدم حواء وقد استتر ت بورقة من ورق الجنة بإذن الله تعالى ، فلما رأت آدم صاحت وقالت : يالها من حسرة ؟ فوقفت خارج الجنة ، ثم أتي بالطاوس وقد طعنته الملائكة حتى قطعت ريشه ، وجبريل يجره ويقول : اخرج من الجنة خروج الأبد ،

الصفحة 20