كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)
"""""" صفحة رقم 201 """"""
واختلفوا في سبب اجتماع تلك الأموال لقارون ؛ فقيل : كان عنده علم الكيمياء .
قال سعيد بن المسيب : كان موسى يعلم الكيمياء ، فعلم يوشع ثلث العلم ، وعلم كالب ثلثه ، وعلم قارون ثلثه ؛ فخدعهما قارون حتى أضافا علمهما إلى علمه .
وحكى الكسائي : كان قارون من فقراء بني إسرائيل ، فأوحى الله إلى موسى أن يحلي تابوت التوراة بالذهب ، وعلمه صنعة الكيمياء ؛ فجاء قارون إلى أم كلثم أخت موسى - وقد قيل : إنها كانت زوجته - فسألها : من أين لموسى هذا الذهب ؟ فقالت : إن الله تعالى قد علمه صنعة الكيمياء . وكان موسى قد علمها الصنعة ، فتعلمها قارون منها .
قالوا : فكان ذلك سبب أمواله ، فذلك قوله كما أخبر الله تعالى عنه : " قال إنما أوتيته على علم عندي " .
وقيل : معناه على علم عندي بالتصرف في التجارات والزراعات وسائر أنواع المكاسب والمطالب .
وقيل في سبب جمعه تلك الأموال ما رواه الثعلبي بسنده عن ابن سليمان الداراني أنه قال : تبدى إبليس لقارون وكان قارون أقام في جبل أربعين سنة غلب بني إسرائيل في العبادة ، فبعث إبليس إليه شياطينه فلم يقدروا عليه ؛ فأتاه وجعل يتعبد معه ، وجعل قارون يتعبد وإبليس يقهره في العبادة ويفوقه ؛ فخضع له قارون ؛ فقال له إبليس : يا قارون ، قد رضينا بهذا الذي نحن فيه ، لا نشهد لبني إسرائيل جماعة ، ولا نعود مريضاً ، ولا نشهد جنازة ؟ قال : فأحدره من الجبل إلى البيعة ، فكانا يؤتيان بالطعام ، فقال له إبليس : يا قارون ، قد رضينا أن نكون هكذا كلاً على بني إسرائيل ؟ فقال له قارون : فأي رأي عندك ؟ قال : نكسب يوم الجمعة ، ونتعبد بقية الجمعة .
قال : فكسبوا يوم الجمعة وتعبدوا بقيتها ؛ فقال إبليس : قد رضينا أن نكون هكذا ؟ قال قارون : فأي رأي عندك ؟ قال : نكسب يوماً ونتعبد يوماً فنتصدق ونعطي .
قال : فلما كسبوا يوماً وتعبدوا يوماً خنس إبليس وتركه ، ففتحت على قارون أبواب الدنيا ، فيلغ ماله - على ما روى الثعلبي بسنده إلى المسيب بن شريك قال : ما