كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)
"""""" صفحة رقم 207 """"""
حيث أمره الله تعالى ؛ قال لفتاه : " أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا " ؛ فكان للحوت سرباً ولهما عجباً .
قال له موسى : " ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا " . فرجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إلى الصخرة ، فإذا برجل مسجى بثوب ، فسلم موسى ، فرد عليه فقال : وأنى بأرضك السلام . قال : أنا موسى . قال : موسى بني إسرائيل ؟ قال : نعم ، أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا . قال : يا موسى إني علة علم من علم الله علمنيه الله لا تعلمه ، وأنت على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه . " قال هل أتبعك " . " قال إنك لن تستطيع معي صبراً ، وكيف تصبر على ما لم تحط به خبراً " . إلى قوله : " أمراً " ؛ فانطلقا يمشيان على ساحل البحر ، فمرت بهما سفينة فكلموهم أن يحملوهم ؛ فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول ؛ فلما ركبا في السفينة جاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة أو نقرتين فقال له الخضر : يا موسى ، ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور بمنقاره من البحر . " فأخذ الفأس فنزع لوحاً " .
قال : فلم يفجأ موسى إلا وقد قلع لوحاً بالقدوم . فقال له موسى : ما صنعت ؟ قوم حملونا بغير نول عمدت إلى سفينتهم فخرقتها " لتغرق أهلها لقد جئت شيئاً أمراً ، قال ألم أقل لك إنك لن تستطع معي صبراً ، قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسراً " . وكانت الأولى من موسى نسياناً . فلما خرجا من البحر مرا بغلام يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر برأسه يقلعه بيده هكذا - وأومأ سفيان بأطراف أصابعه كأنه يقطف شيئاً - قال له موسى : " أقتلت نفساً زكية بغير نفس لقد جئت شيئاً نكراً ، قال ألم أقل لك إنك لن تستطع معي صبراً ، قال إن سألتك عن شيء بعدها لا تصاحبني قد بلغت من لدني عذراً ، فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جداراً يريد أن ينقض "