كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)
"""""" صفحة رقم 218 """"""
نقرة لتكون كانون تلك النار التي ينزل بها من السماء ؛ فدعا موسى أخاه هارون وقال له : إن الله تعالى قد اصطفاني بنار ينزلها من السماء لتأكل القرابين المقبولة ولتسرج منها القناديل ، وأوصاني بها ، وإني قد اصطفيتك لها وأوصيتك بها . فدعا هارون ابنيه وقال لهما : إن الله تعالى قد اصطفى موسى بأمر وأوصاه به ، وإنه قد اصطفاني له وأوصاني به ، وإني قد اصطفيتكما به . وكان أولاد هارون هم الذين يلون سدانة بيت المقدس وأمر القربان والنيران ؛ فشربا ذات ليلة وثملا ، ثم دخلا البيت وأسرجا القناديل من هذه النار التي في الدنيا ، فغضب الله عليهما ، وسلط عليهما تلك النار حتى أحرقتهما ، وموسى وهارون يدفعان عنهما النار فلم يغنيا عنهما من الله شيئاً ؛ فأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام : هكذا أفعل بمن عصاني ممن يعرفني ، فكيف أفعل بمن لا يعرفني ، والله أعلم .
ذكر ما أنعم الله تعالى به على بني إسرائيل بعد خروجهم من مصر
قال الله عز وجل : " وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكاً وآتاكم ما لم يؤت أحداً من العالمين " .
قال أبو إسحاق الثعلبي : اختلفوا في معنى الملوك ؛ فروى عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : " كانت بنو إسرائيل إذا كان لأحدهم خادم وامرأة فهو ملك " .
وقال أبو عبد الرحمن الحبلي : سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص - وسأله رجل فقال : ألسنا من فقراء المهاجرين ؟ - فقال له عبد الله : ألك امرأة تأوي إليها ؟ قال : نعم . قال : ألك مسكن تسكنه ؟ قال : نعم . قال : فأنت من الأغنياء . قال : وإن لي خادماً . قال : فأنت من الملوك .
وقال الضحاك : كانت منازلهم واسعة ، فيها مياه جارية ، فمن كان مسكنه واسعاً وفيه ماء جار فهو ملك .
وقال قتادة : وكانوا أول من ملك الخدم ، وأول من سخر لهم الخدم من بني آدم .