كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 220 """"""
يظلهم ويسير معهم حيث ساروا ؛ وألا تنقب خفافهم ونعالهم ؛ وأمرت ثيابهم أن يلبسها صغيرهم وكبيرهم .
فلما سمعوا ذلك طابت نفوسهم ، وساروا نحو الأرض المقدسة والغمام يظلهم في مسيرهم ، والسماء تمطر عليهم بالمن ، والريح بالسلوى ، ويجدون كل ما يحتاجون إليه ، ويضيء لهم بالليل عمود من النور ، وتهب الريح على السلوى فتمعط ريشها فيطبخونها دون تعب ؛ ويقرع موسى - عليه السلام - الحجر فتتفجر لهم اثنا عشرة عيناً ، تجري كل عين إلى سبط من الأسباط ؛ وثيابهم جدد بيض لا تخلق ، وهم في خفض ودعة .
وقال أوب إسحاق الثعلبي ، كان ما أنعم الله تعالى به عليهم أنهم قالوا لموسى في التيه : أهلكتنا وأخرجتنا من العمران إلى مفاوز لا ظل فيها . فأنزل الله تعالى عليهم غمامة بيضاء رقيقة ليست بغمام المطر أرق وأطيب وأبرد ، فأظلتهم وكانت تسير معهم إذا ساروا ، وتدور عليهم من فوقهم إذا داروا ؛ وجعل لهم عموداً من نور يضيء لهم الليل إذا لم يكن ضوء القمر ؛ فقالوا : هذا الظل والنور قد حصلا ، فأين الطعام ؟ فأنزل الله عليهم المن .
واختلفوا فيه ؛ فقال مجاهد : هو شيء كالصمغ يقع على الأشجار ، وطعمه كالشهد .
وقال الضحاك : هو الطرنجبين .
وقال وهب : الخبز الرقاق .
وقال السدي : عسل كان يقع في السحر من الليل فيأكلون منه .
وقال عكرمة : أنزل الله - عز وجل - عليهم مثل الزيت الغليظ .
وقيل : هو الزنجبيل .
وقال الزجاج : جملة المن : ما يمن الله عز وجل به مما لا تعب فيه ولا نصب .

الصفحة 220