كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)
"""""" صفحة رقم 221 """"""
فكان ينزل عليهم كل ليلة ويقع على أشجارهم مثل الثلج ، لكل إنسان منهم صاع كل ليلة ؛ فقالوا : يا موسى ، قتلنا هذا المن بحلاوته ، فادع لنا ربك أن يطعمنا اللحم . فدعا موسى عليه السلام ، فأنزل الله - عز وجل - عليهم السلوى .
قالوا : واختلفوا فيه ؛ فقال ابن عباس - رضي الله عنهما - وأكثر المفسرين : هو طائر يشبه السماني .
وقال أبو العالية ومقاتل : بعث الله - عز وجل - السحابة فمطرت السماني في عرض ميل وقدر طول رمح في السماء بعضه على بعض .
وقال عكرمة : طير يكون بالهند أكبر من العصفور . فكان يأخذ كل واحد منهم ما يكفيه يوماً وليلة من المن والسلوى ، فإذا كان يوم الجمعة أخذوا ما يكفيهم عن يومين ، لأنه لم ينزل عليهم يوم السبت ، فذلك قوله تعالى : " وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم " ولا تدخروا لغد . فجنوا لغد فقطع الله ذلك عنهم ، ودود وفسد ما ادخروا ، فذلك قوله تعالى : " وما ظلمونا " معناه وما ضرونا بالمعصية " ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - ( صلى الله عليه وسلم ) - أنه قال : لولا بنو إسرائيل لم يخثر الطعام ، ولم يخبث اللحم ، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها .
ثم قالوا : يا موسى ، من أين لنا الشراب ؟ فاستسقى لهم موسى ؛ فأوحى الله تعالى إليه : أن أضرب بعصاك الحجر .
قال الثعلبي : واختلف العلماء في الحجر ؛ فقال وهب : كان موسى - عليه السلام - يقرع لهم أقرب حجر من عرض الحجارة فيتفجر عيوناً ، لكل سبط عين ، وكانوا اثني عشر سبطاً ، ثن تسيل كل عين في جدول إلى سبط ؛ فقالوا : إن فقد موسى عصاه متنا عطشاً . فأوحى الله إليه : لا تقرعن الحجارة بالعصا ولكن كلمها تطعك لعلهم يعتبرون . فكان يفعل ذلك . فقالوا : كيف بنا لو مضينا إلى الرمل وإلى الأرض التي ليس فيها حجارة ؟ فأمر موسى فحمل معه حجراً ، فحيثما نزل ألقاه .