كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 225 """"""
وطول عصاه عشر أذرع ، ونزا في السماء عشر أذرع ، فما أصاب إلا كعبه وهو مصروع بالأرض فقتله .
قالوا : وأقبلت جماعة كثيرة ومعهم الخناجر حتى حزوا رأسه ؛ فلما قتل وقع على نيل مصر فسكره سنة .
قالوا : وكانت أم عوج يقال لها : عناق ، وهي إحدى بنات آدم لصلبه .
ويقال : إنها كانت أول من بغت على وجه الأرض ، وكان كل إصبع من أصابعها ثلاث أذرع في ذراعين ، في كل إصبع ظفران حادان مثل المنجلين ، وكان موضع مقعدها جريب من الأرض ، فلما بغت بعث الله تعالى إليها أسوداً كالفيلة وذئاباً كالإبل ، ونسوراً كالحمر ، وسلطها عليها فقتلوها وأكلوها .
قالوا : فلما لقي عوج النقباء لقيهم وعلى رأسه حزمة حطب ، فأخذهم وجلهم في حزمته ، وانطلق بهم إلى امرأته ، وقال : انظري إلى هؤلاء الذين يريدون قتالنا .
فطرحهم بين يديها وقال : ألا أطحنهم برجلي ؟ قالت امرأته : لا ، بل خل عنهم حتى يخبروا قومهم بما رأوا . ففعل ؛ وجعلوا يتعرفون أحوالهم .
وكان لا يحمل عنقود عنبهم إلا خمسة أنفس بينهم في خيشة ، ويدخل في قشر شطر الرمانة إذا نزع حبها خمسة أنفس .
قال : فلما خرج النقباء قال بعضهم لبعض : يا قوم إنكم إن أخبرتم بني إسرائيل خبر القوم ارتدوا عن نبي الله ، ولكن اكتموا وأخبروا موسى وهارون فيكونا هما يريان رأيهما . فأخذ بعضهم على بعض الميثاق بذلك ؛ ثم انصرفوا إلى موسى - عليه السلام - وجاءوا بحبة من عنبهم وقر رجل ، ثم إنهم نكثوا العهد ، وجعل كل واحد منهم ينهى سبطه عن قتالهم ، ويخبرهم بما رأى ، إلا يوشع وكالب .
قال : فلما سمع القوم ذلك من النقباء رفعوا أصواتهم بالبكاء وقالوا : يا ليتنا متنا في أرض مصر ، وليتنا نموت في هذه البرية ولا يدخلنا الله أرضهم ، فتكون نساؤنا وأولادنا وأموالنا غنيمة لهم .

الصفحة 225