كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 232 """"""
قال الثعلبي أيضاً : وقال مقاتل : إن ملك البلقاء قال لبلعام : ادع الله على موسى . فقال : إنه من أهل ديني فلا أدعو عليه . فنحت الملك خشبة ليصلبه فلما رأى ذلك خرج على أتان له ليدعو عليه ، فلما علين عسكرهم قامت به الأتان وقد وقفت ، فقالت : لم تضربني وأنا مأمورة ؟ فلا تظلمني ، وهذه نار أمامي قد منعتني أن أمشي . فرجع فأخبر الملك ؛ فقال : لتدعون عليه أو لأصلبنك . فدعا على موسى باسم الله الأعظم ألا يدخل المدينة ، فاستجيب له ، ووقع موسى في التيه بدعائه ، فقال موسى : يا رب بأي ذنب وقعنا في التيه . فقال : بدعاء بلعام . قال : رب بما سمعت دعاءه على فاسمع دعائي عليه . فدعا موسى أن ينزع منه الاسم الأعظم والإيمان . فسلخه الله مما كان عليه ، ونزع منه المعرفة ، فخرجت كحمامة بيضاء ، فذلك قوله عز وجل " فانسلخ منها " .
وقال عبد الله بن عمرو بن العاص وسعيد المسيب وأبو روق وزيد بن أسلم : نزلت هذه الآية في أمية بن أبي الصلت ، وكانت قصته أن كان في ابتداء أمره قد قرأ الكتب وعلم أن الله عز وجل مرسل رسولاً في ذلك الوقت ، ورجا أن يكون هو ذلك الرسول ، فلما أرسل الله تعالى محمداً - ( صلى الله عليه وسلم ) - حسده وكان قد قصد بعض الملوك ، فلما رجع مر بقتلى بدر ، فسأل عنهم ؛ فقيل : قتلهم محمد . فقال : لو كان نبياً ما قتل أقرباءه . فلما مات أتت أخته فارعة رسول الله - ( صلى الله عليه وسلم ) - فسألها رسول الله - ( صلى الله عليه وسلم ) - عن وفاة أخيها ؛ فقالت : بينا هو راقد أتاه اثنان فكشفا سقف البيت ونزلا ، فقعد أحدهما عند رجليه والآخر عند رأسه ، فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه : أوعي ؟ قال : وعي . قال : أزكا . قال : أبى . قالت : فسألته عن ذلك ؟ فقال : خير أريد بي فصرف عني . ثم عشي عليه ، فلما أفاق قال :
كل عيش وإن تطاول دهراً . . . صائر أمره إلى أن يزولا
ليتني كنت قبل ما قد بدا لي . . . في قلال الجبال أرعى الوعولا

الصفحة 232