كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 235 """"""
وقال أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره في وفاة هارون - عليه السلام - قال السدي : أوحى الله تعالى إلى موسى - عليه السلام - أني متوفي هارون ، فأت به جبل كذا وكذا ، فانطلق موسى وهارون - عليهما السلام - نحو ذلك الجبل فإذا هما بشجرة مثلها ، وإذا بيت مبنى ، وفيه سرير عليه فراش وإذا فيه ريح طيبة ، فلما نظر هارون إلى ذلك أعجبه وقال : يا موسى ، إني أحب أن أنام على هذا السرير . قال : نم عليه . قال : إني أخاف أن يأتي رب هذا البيت فيغضب علي . قال موسى : لا ترهب ، أنا أكفيك رب هذا البيت فنم . قال : يا موسى ، بل نم معي ، فإن جاء رب البيت غضب علي وعليك جميعاً . فلما ناما أخذ هارون الموت ، فلما وجد حسه قال : يا موسى خدعتني . فلما قبض - عليه السلام - رفع ذلك البيت ، وذهبت تلك الشجرة ، ورفع السرير به إلى السماء ، فلما رجع موسى إلى بني إسرائيل وليس معه هارون ، قالوا : إن موسى قتل هارون وحسده لحب بني إسرائيل له . فلما أكثروا عليه قام فصلى ركعتين ، ثم دعا الله تعالى ، فنزل السرير حتى نظروا إليه بين السماء والأرض ؛ فصدقوه .
وقال الثعلبي أيضاً . وقال عمرو بن ميمون : مات هارون - عليه السلام - في التيه ، ومات قبل موسى ، وكانا خرجا في التيه إلى بعض الكهوف ، فمات هارون ، فدفنه موسى ، وانصرف إلى بني إسرائيل ، فقالوا : ما فعل هارون ؟ قال : مات . قالوا : كذبت ، ولكنك قتلته لحبنا إياه - وكان محبباً في بني إسرائيل - فتضرع موسى إلى الله تعالى وشكا ما لقي من بني إسرائيل ؛ فأوحى الله إليه : أن انطلق بهم إلى قبره ، فإني باعثه حتى يخبرهم أنه مات موتاً وأنك لم تقتله . فانطلق بهم موسى إلى قبره ، فنادى : يا هارون . فخرج من قبره ينفض رأسه ؛ فقال : أنا قاتلك ؟ قال : لا ، ولكني مت . قال : فعد إلى مضجعك . فعاد - عليه السلام - وانصرفوا .
ذكر وفاة موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام
قال أبو إسحاق الثعلبي - رحمه الله - قال ابن إسحاق : كان موسى - عليه السلام - قد كره الموت وأعظمه ، فأراد الله تعالى أن يجيب له الموت ويكره إليه الحياة ؛ وكان يوشع بن نون يغدو عليه ويروح ، فيقول له موسى : يا نبي الله ما أحدث الله إليك . فيقول له يوشع : يا نبي الله ، ألم أصحبك كذا وكذا سنة ، فهل كنت أسألك عن شيء

الصفحة 235