كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 26 """"""
كعروق الشجر ، فاقتلعه جبريل ، فصاح صيحة شديدة للألم الذي أصابه ، وقال : " ماذا تفعل الخطيئة " ؟ ثم ضرب جبريل بجناحه الأرض فانفجرت عين ماء معين برائحة كالمسك فاغتسل آدم منها ، ثم كساه الله حلتين من سندس الجنة ، وبعث الله تعالى ميكائيل إلى حواء ، فبشرها بالتوبة ، وكساها كذلك ؛ وسأل آدم جبريل عنها ؛ فأخبره أن الله قد قبل توبتها ، وأنه يجمع بينهما في أشرف الأعياد وأكرم البقاع .
قال : وأمر الله عز وجل الملائكة والحيوانات أن يقربوا من آدم ليهنئوه فأتوه وهنأوه كما كانوا عزوه .
ثم أمر الله تعالى جبريل أن يضع يده على رأس آدم ليقصر من طوله ، وكان إذا قام وصل رأسه إلى السماء ، فيسمع تسبيح الملائكة ، فلما قصر اغتم لفقد ذلك ، فقال له جبريل : لا يغمك ذلك فإن الله يفعل ما يريد .
وأمره الله ببناء بيت يحاذي البيت المعمور ليطوف به هو وأولاده من بعده كما رأى الملائكة تفعل حول البيت المعمور ؛ فبناه .
وقد ذكرنا صفة بنائه في الباب الثاني من القسم الخامس من الفن الأول من هذا الكتاب في خصائص البلاد ، وهو في السفر الأول ، فلا حاجة إلى إعادته هاهنا . فلنذكر غير ذلك .
قال : وسار آدم من موضعه إلى موضع البيت ؛ والله الهادي .
ذكر أخذ الميثاق على ذريته - عليه السلام -
قال : وأوحى الله تعالى إلى آدم : أني أريد أن آخذ على وديعتي التي في ظهرك الميثاق ، فأحاطت الملائكة بآدم في أحسن صورهم ، فوقعت الرعدة على آدم من الخوف ، فضمه جبريل إلى صدره ، واضطرب الوادي وارتج ، فقال جبريل : اسكن فإنك أول شاهد على الميثاق الذي يأخذه الله على ذرية آدم . فسكن ، ومسح الله تعالى على ظهر آدم كما شاء ، وقال : " انظر يا آدم إلى من يخرج من ظهرك " فأول من بادر وكان أسرع خروجاً نبينا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) فأجاب بالتلبية ونادى إلى ذات اليمين وهو يقول :

الصفحة 26