كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 28 """"""
ذكر اجتماع آدم بحواء
قال : وأقبل ملك إلى حواء وهي جالسة بجدة على ساحل البحر ، فقال لها : " خذي لباسك وانطلقي إلى الحرم " ؛ ثم رمى لها بقميص وخمار من الجنة ، وتوارى عنها حتى لبست القميص وتخمرت بالخمار ، ومضت إلى مكة فدخلت الحرم من شرقيه يوم الجمعة من شهر المحرم ؛ فأمرها الملك أن تقعد على جبل المروة ؛ وإنما سميت المروة لقعود المرأة عليها .
قال وهب : دخل حواء الحرم قبل آدم بسبعة أيام ، ودخل آدم من غربي مكة وحواء من شرقيها ، فصار آدم إلى جبل الصفا ، فناداه : " مرحباً بك يا صفي الله " ، فسمى الصفا لذلك ؛ وناداه الرب : يا آدم ، فقال : " لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك " . فصار ذلك سنة في الحج والعمرة .
ثم أوحى الله إليه : " اليوم حرمت مكة وما حولها " . فهي حرام إلى يوم القيامة . فقال آدم : يا رب ، إنك وعدتني أن تجمع بيني وبين حواء في هذا المقام . فنودي : إنها أمامك على المروة ، وأنت على الصفا ، فانظر إليها ولا تمسها حتى تقضى المناسك . فهبط آدم إليها ، والتقيا ، وفرح كل منهما بصاحبه ، وسعى هو من الصفا ، وسعت هي من المروة ، فكانا يجتمعان بالنهار ، فإذا أمسيا رجع إلى الصفا ، ورجعت إلى المروة ، فكانا كذلك حتى دخل ذو القعدة ، فأعاد آدم التلبية وعقد الإزار ، ولم يزل يلبي حتى دخل ذو الحجة ؛ فهبط جبريل وعلمه المناسك وكساه ثوباً أبيض لإحرامه ، وطاف يه ، وعرفه المناسك ، وأمره أن يطوف بالبيت سبعاً ؛ فلما فعل ذلك قال له جبريل : " حسبك يا آدم قد أحللت " ؛ فانطلق آدم إلى حواء فاجتمع بها في ليلة الجمعة فحملت من ساعتها .
قال كعب : ما حملت حواء حتى رأت الحيض ففزعت وأخبرت آدم بذلك فمنعها من الصلاة أيام حيضها حتى ينقطع الدم ؛ ثم جاءها ملك فوقفها على زمزم وقال لأدم : اركض برجلك في هذا الموضع . فركضها ، فانفجرت الأرض

الصفحة 28