كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 30 """"""
قال : فقام آدم فعقد النير على عنقي الثورين ؛ ثم حرث وبذر ، وكان يقف على الزرع ويقول : متى يدرك ؟ فيسمع هاتفاً يقول : " خلق الإنسان من عجل " ؛ وكان الزرع في طول النخل ، والسنبلة في طول مائة ذراع ، بيضاء كالفضة .
قال كعب : فلما استحق الزرع كان آدم يحصد ، وحواء تجمع ؛ ثم علم آدم الدراسة والتذرية والطحن والعجن والخبز ؛ ث أكلا وشربا فأصابتهما النفخة والقرقرة في بطونهما ؛ فتجشأ آدم جشاء متغيراً ، وتغير عليه بدنه وثقل ؛ فلما ثقلت عليهما بطونهما أمرهما الملك أن يتبرزا إلى الصحراء لقضاء الحاجة ؛ فلما رأيا ذلك من أنفسهما بكيا بكاء شديداً ، وقالا : " هذا الذي أورثنا ذنبنا " . ثم أمرهما الملك أن يمسحا بالمدر ، ثم يغتسلا بالماء ؛ ثم علمهما الوضوء فتوضأ وضوء الإسلام ؛ ثم أمرهم بالصلاة ، فكان أول صلى صلاها آدم الظهر .
وكان آدم ربما اشتغل عن صلاته ولا يعرف الأوقات ، فأعطاه الله ديكاً ودجاجة ، فكان الديك أبيض أفرق أصفر الرجلين ، كالثور العظيم ، وكان يضرب بجناحه عند أوقات الصلاة ويقول : سبحان من يسبحه كل شيء سبحان الله وبحمده ، يا آدم : الصلاة يرحمك الله .
قال : وأخذ آدم في الغرس حتى غرس كل ما على وجه الأرض من أنواع الثمار والأشجار ، وأخذت الأرض زهرتها ؛ وكان آدم يأكل من بقول الأرض ونباتها .
قال وهب : أول بقلة زرعها آدم الهندبا ، وأول ما زرع من الرياحين الحناء ، ثم الآس .
ذكر حمل حواء - عليها السلام - وولادتها
قال : وواقع آدم حواء في ليلة الجمعة ، فحملة بذكر وأنثى ، وأسقطتهما في الشهر الثامن ، فكان أول سقط في الدنيا ؛ ثم حملت ثانياً كذلك ، فأصابهما مثل

الصفحة 30