كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)
"""""" صفحة رقم 34 """"""
تغير كل ذي لون وطعم . . . وقل بشاشة الوجه المليح
قتل قابيل هابيلاً أخاه . . . فوا أسفي على الوجه الصبيح
ثم حمل آدم هابيل على عاقته وهو باك ، ثم دفنه ، وبكى عليه هو وحواء أربعين يوماً ، فأوحى الله تعالى إليه أن كف عن بكائك ، فإني سأهب لك غلاماً زكياً على صورة هابيل يكون أبا النبيين والمرسلين . فسرى عنه ، وجامع حواء فحملت بشيث واسمه هبة الله فلما وضعتنه كان على صفة هابيل وصورته ؛ فلما ترعرع وبلغ بعث الله تعالى له قضيباً من سدرة المنتهى في صفاء الجوهر ، ورزق الله شيثاً الأولاد في حياة آدم ؛ والله أعلم .
ذكر وفاة آدم - عليه السلام -
قال : وكان آدم لما أخرج الله تعالى الذرية من ظهره رأى داود عليه السلام وحسن صورته ، فسأل عنه وعماً رزقه الله تعالى من العمر ؛ فقيل له : إنه نبي الله داود ، وإن عمره الذي كتب الله له أربعون سنة . فقال : يا رب زد في عمره . قال : ذلك الذي كتبت له . فقال : يا رب فإني قد وهبته من عمري ستين سنة . فلما انقضى من عمره تسعمائة سنة وأربعون سنة أتاه ملك الموت ، فقال له آدم : قد عجلت علي ، لأن ربي كتب لي ألف سنة . قال : ألم تهب منها لولدك داود ستين سنة ؟ قال : لا . قال : فجحد آدم وجحدت ذريته من بعده ، ونسي فنسيت .
وقيل في عمر داود : ستون سنة ، وإن آدم وهبه أربعين سنة ؛ والله أعلم .
فلما استكمل عدته أمر الله بقبض روحه ، فعهد إلى ابنه شيث وأوصاه ، وسلم إليه التابوت ، وكان فيه نمط من الجنة أبيض أهداه الله تعالى لآدم ، فيه صور الأنبياء والفراعنة من ذريته ؛ فنشر آدم النمط وأراه لابنه شيث ، فنظر إليه ، ثم أمر بطيه ووضعه في التابوت ؛ وعمد آدم إلى طاقات من شعر لحيته فوضعها في التابوت وقال له : يا بني ، إنك لا تزال مظفراً على أعدائك ما دامت هذه