كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)
"""""" صفحة رقم 39 """"""
لأرى ما أعد الله تعالى لأهل طاعته من النعيم ؟ فقال : حاجتك إلى الله تعالى ، ولكني أحملك وأقف على طريق رضوان خازن الجنان فسله حاجتك . ففعل ذلك ؛ فلما رآه رضوان قال : من هذا ؟ قال : إدريس نبي الله يريد أن ينظر إلى نعيم الجنان . قال : ذلك إلى ربي . فأوحى الله تعالى إلى رضوان : أني قد علمت ما يريد عبدي إدريس ، وقد أمرت غصناً من أغصان شجرة طوبى أن يتدلى إليه فيلتف به ويدخله الجنة ، فإذا دخل فأقعده في أعلى موضع ؛ فلما دخلها إدريس ورأى ما فيها منن النعيم قال له رضوان : أخرج الآن . قال له إدريس : أيدخل الجنة من يخرج منها ؟ فحاجه في ذلك ، فأرسل الله تعالى له ملك الموت ، فقال له إدريس : ما حاجتك ؟ إنك لن تسلط على قبض روحي مرتين ، فاذهب . فرجع ملك الموت إلى ربه عز وجل وقال : إلهي قد علمت ما قال إدريس . قال الله تعالى : إنه حاجك بكلامي ، فذره في جنتي . فذلك قوله تعالى : " واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقاً نبياً ورفعناه مكاناً علياً " .
هذا ما أورد الكسائي رحمه الله في كتاب المبتدأ .
ونقل الشيخ أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي رحمه الله في كتابه المترجم بيواقيت البيان في قصص القرآن وفي تفسيره أيضاً في سبب رفع إدريس عليه السلام ، قال : وكان سبب رفعه على ما قال ابن عباس رضي الله عنهما وأكثر الناس : أنه سار ذات يوم فأصابه وهج الشمس ، فقال : يا رب إني مشيت يوماً فتأذيت منها ، فكيف من يحملها خمسمائة عام في يوم واحد ؟ اللهم خفف عنه من ثقلها ، واحمل عنه حرها . فلما أصبح الملك وجد خفة الشمس وخفة حرها ما لا يعرف ؛ فقال : يا رب ، خلقتني لحمل الشمس ، فما الذي قضيت في ؟ فقال : أما إن عبدي إدريس سألني أن أخفف عنك ثقلها وحرها ، فأجبته . قال : يا رب اجمع بيني وبينه ، واجعل بيني وبينه خلة . فأذن الله تعالى له ، فأتى إدريس حتى إن إدريس