كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 4 """"""
المعية وحاز فضيلة الألمعيه ؛ والكاتب يستشهد به في رسائله وكتبه ، ويتوسع به إذا ضاق عليه المجال في سربه ، والغنى يحمد الله تعالى على ما أولاه من نعمه ورزقه من نواله ، وينفق مما آتاه الله إذا علم أنه لابد من زواله وانتقاله ؛ والفقير يرغب في الزهد لعلمه أن الدنيا لا تدوم ، وليتقنه أن سعتها بضيقها لا تقوم . ومن عدا هؤلاء يسمعه على سبيل المسامره ، ووجه المحاضرة والمذاكره ؛ والرغبة في الأطلاع على أخبار الأمم ، ومعرفة أيام العرب وحروب العجم .
فقد تبين بهذه المقدمة تعويل الأمر عليه ، وميل المرء إليه .
وسأورد إن شاء الله في هذا الفن جملا من تواريخ الأمم السافلة والعصور الخاليه ، وأطرزه من القصص والسير بما تصبح به صفحات الطروس حاليه .
ولما رأيت غالب من أرخ في الملة الإسلامية وضع التاريخ على حكم السنين ومساقها ، لا الدول وآتساقها ؛ علمت أن ذلك ربما قطع على المطالع لذة واقعة أستحلاها ، وقضية أستجلاها ؛ فآنقضت أخبار السنة ولا أستوعب تكملة فصولها ولا انتهى إلى جملتها وتفصيلها ؛ وأنتقل المؤرخ بدخول السنة التي تليها من تلك الوقائع وأخبارها ، والممالك وآثارها ، والدولة وسيرها ، والحالة وخبرها ؛ فتنقل من الشرق إلى الغرب ، وعدل عن السلم إلى الحرب ؛ وعطف من الجنوب إلى الشمال وتحول من البكر إلى الآصال ؛ وقد تجول به خيل الأستطراد فيبعد ، وتحول بينه وبين مقصده السنون

الصفحة 4