كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)
"""""" صفحة رقم 41 """"""
مالك لا تخرج ؟ قال : لأن الله تعالى قال : " كل نفس ذائقة الموت " وقد ذقته . وقال : " وإن منكم إلا واردها " وقد وردتها . وقال تعالى : " وما هم منها بمخرجين " فلست أخرج . قال الله تعالى لملك الموت : دعه فإنه بإذني دخل الجنة ، وبأمري يخرج . فهو هناك ، فتارة يعيد الله في السماء الرابعة ، وتارة يتنعم في الجنة .
الباب الرابع من القسم الأول من الفن الخامس في قصة نوح - عليه السلام - وخبر الطوفان
قال الكسائي رحمه الله تعالى : قال وهب بن منبه : لما رفع الله تعالى إدريس عليه السلام ترك إدريس في الأرض ولده متوشلح ، فتزج بامرأة يقال لها : ميشاخا ؛ فولدت له ولداً سماه لمك ، وكان يرجع إلى قوة وبطش وكان يضرب بيده الشجرة العظيمة فيقتلعها من أصلها ، وكان على وجهه نور نبيناً محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ، فخرج في يوم إلى البرية فرأى امرأة في نهاية الجمال وبين يديها غنم ترعاها ، فأعجبته ، فسألها عن نفسها ، فقالت : أنا قينوش بنة براكيل بن محويل من أولاد قابيل بن آدم . فقال : ألك زوج ؟ قالت : لا . قال : فما سنك ؟ قالت : مائة وثمانون . قال : لو كنت بالغة لتزوجتك - وكان البلوغ يومئذ لاستيفاء مائتي سنة - فقالت : كان عندي أنك تريد أن تفضحني ، فأما إذا أردت الزواج فقد أتى علي مائتا سنة وعشر سنين . فخطبها من أبيها ، وأرغبه بالمال ؛ فزوجه بها فحملت منه بنوح عليه السلام فلما كان وقت الولادة ولدته في غار خوفاً على نفسها وولدها من الملك لكونها تزوجت بمن ليس منهم ؛ فلما وضعته هناك وأرادت الانصراف قالت : وا نوحاه . وانصرفت ، فبقي في الغار أربعين يوماً ؛ ثم توفي أبوه لمك ؛ فاحتملته الملائكة ووضعته بين يدي أمه مزيناً مكحولاً ، ففرحت به وربته حتى بلغ .
وكان ذا عقل وعلم ولسان وصوت حسن ، واسع الجبهة ، أسيل الخد ، وكان يرعى الغنم لقومه مدة ، وربما عالج التجارة ؛ ثم كره مجاورة قومه لعبادتهم الأصنام .