كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)
"""""" صفحة رقم 47 """"""
ثم أوحى الله عز وجل إلى نوح أن يرد التابوت إلى المكان الذي أخذ منه ، فرده .
ذكر خبر دعوة نوح على ابنه حام ودعوته لابنه سام
قال : ولما استقر الأمر قال نوح لبنيه : إني أحب أن أنام ، فإنني لم أتهنأ بالنوم منذ ركبت الفلك . فوضع رأسه في حجر ابنه حام ، فهبت الريح فكشفت عن سوءتهن فضحك حام ، وغطاه سام ؛ فانتبه فقال : ما هذا الضحك ؟ فأخبره سام ، فغضب وقال لحام : أتضحك من سوءة أبيك ؟ غير الله خلقتك ، وسود وجهك . فاسود وجهه لوقته . وقال لسام : سترت عورة أبيك ، ستر الله عيك في هذه الدنيا ، وغفر لك في الآخرة . وجعل من نسلك الأنبياء والأشراف ، وجعل من نسل حام الإماء والعبيد ، وجعل من نسل يافث الجبابرة والأكاسرة والملوك العاتية .
ذكر وصية نوح ووفاته
قال كعب : بعث الله عز وجل نوحاً إلى قومه وله مائتان وخمسون سنة ولبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً ، وعاش بعد الطوفان مائتي سنة ؛ فلما حضرته الوفاة دعا ابنه سام وقال له : أوصيك يا بني باثنين ، وأنهاك عن اثنين : أوصيك " بشهادة أن لا إله إلا الله " فإنها تخرق السموات السبع ، لا يحجبها شيء ، والثانية أن تكثر من قولك : " سبحان الله وبحمده " ، فإنها جامعة الثواب ، وأنهاك عن الشرك بالله ، والاتكال على غير الله . فلما فرغ من ذلك أتاه ملك الموت ، فسلم عليه فقال : من أنت ؟ فقد ارتاع قلبي من سلامك . قال : أنا ملك الموت ، جئت لقبض روحك . فتغير وجهه وجزع ، فقال له : ما هذا الجزع ، ألم تشبع من الدنيا وطول عمرك ؟ قال : ما شبهت ما مضى من عمري في الدنيا إلا بدار لها بابان دخلت من أحدهما وخرحت من الآخر . فناوله ملك الموت كأساً فيها شراب وقال : اشرب هذا حتى يسكن روعك . فلما شربه خر ميتاً عليه السلام والله الموفق .
ذكر خبر أولاد نوح - عليه السلام - من بعده
فأما حام فإنه واقع زوجته فولدت غلاماً وجارية سوداً ، فأنكرهما حام ؛ فقالت امرأته : " لحقتك دعوة أبيك " . فلم يقربها حيناً ؛ ثم واقعها فولدت مثلهما فتركها