كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 51 """"""
دياركم هشيماً . فلما سمعوا ذلك منه ضربوه حتى سال الدم على وجهه وهو يقول : " إلهي قد أبلغت وأنذرت " .
وأقبل إلى هود بعد انصرافه رجل من قومه يعرف بمرثد بن عاد ، وقال : يا هود ، إني قد جئتك في أمر ، فإن أخبرتني به فأنت رسول الله . قال له هود : يا مرثد ، كنت البارحة نائماً مع زوجتك فواقعتها ، فقالت لك : أتظن أني قد حملت ؟ فقلت لها : إني صائر غداً إلى هود ، فإن أخبرني بهذا الكلام آمنت به . فقال مرثد : أشهد أنك رسول الله حقاً ؛ ولكن أخبرني هل حملت ؟ قال : نعم حملت بولدين ذكرين يكونان من أمتي ، سيخرجان من بطنها سليمين مؤمنين ، وستلد لك عشرة أبطن في كل بطن ذكران ، ويكونان من أمتي . فوثب مرثد وقبل راس هود وكان من خيار أصحابه ، وجعل مرثد يقول :
من كان يصدق يوماً في مقالته . . . فإن هوداً رسول صادق القيل
نبي صدق أتى بالحق من حكم . . . وقد أتانا ببرهان وتنزيل
فالحمد لله حمداً دائماً أبداً . . . مضاعفاً شكره في كل تفصيل
ثم انصرف مرثد إلى امرأته وأخبرها ، فآمنت ؛ وكان مرثد يكتم إيمانه ويجالس قومه ، فإذا سمعهم يذكرون هوداً بسوء يقول : مهلاً يا بني عم فإنه كأحدكم وابن عمكم .
قال : ثم اجتمعوا في متنزه لهم وملكهم ونصبوا أصنامهم ، فأقبل هود عليهم وقال : يا قوم اعبدوا الله فإن هذه الأصنام لا تضر ولا تنفع ولا تبصر ولا تسمع . فقال الرؤساء من قومه : " إنا لنراك في سفاهة وإنا لظنك من الكاذبين قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم واذكروا إذا جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة " .
فنادوه من كل ناحية : يا هود " أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ، قال قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب " .

الصفحة 51