كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)
"""""" صفحة رقم 56 """"""
هذا والريح تمزقهم ، فكانت تدخل في ثوب الرجل فتحمله في الهواء ، ثم ترميه على رأسه ميتاً . قال الله تعالى : " كأنهم أعجاز نخل منقعر " فلم يبق منهم إلا الملك أخره الله تعالى ليرى مصارع قومه ، وهو يريد الريح بصدره ، فجاءت الريح فدخلت من دبره ، فمات ؛ ثم مرت الريح نحو الوفد ، فحملتهم من الأرض إلى الهواء ، فألقتهم على وجوههم ؛ فماتوا عن آخرهم .
قال : وهود في حظية بمن معه من المؤمنين لا يصيبهم منها إلا ما تلين له الجلود . قال الله تعالى : " ولما جاء أمرنا نجينا هوداً والذين أمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ " .
قال : وارتحل هود ومن معه من أرض عاد إلى الشحر من بلاد اليمن ؛ فنزلوا هناك حولين ، ثم مات .
ويقال : إنه دفن بأرض حضرموت ؛ والله أعلم .
ذكر خبر مرثد ولقمان
قال : وخرج من وفد عاد مرثد ، ولقمان بن عاد ، فدخلا مكة منفردين ، فدعوا الله تعالى لأنفسهما ؛ فقيل لهما : قد أعطيتما مناكما ، فاختارا لأنفسكما ، إلا أنه لا سبيل إلى الخلود . فقال مرثد : اللهم أعطني براً وصدقاً . فأعطى ذلك . وقال لقمان : يا رب عمراً . فقيل له : اختر لنفسك بقاء سبع بقرات صفر عفر في جبل وعر ، لا يمسهن ذعر ، وإن شئت بقاء سبع نوايات من تمر ، مستودعات في صخر ، لا يمسهن ندى ولا قطر ؛ وإن شئت بقاء سبعة أنسر كلما هلك نسر أعقب من بعده نسر . فاختار الأنسر ، فكان يأخذ الفرخ منها حين يخرج من بيضته ، فإذا مات أخذ غيره ، فكان كل نسر يعيش ثمانين سنة ، حتى انتهى إلى السابع ، فكان آخرها لبد ؛ فلما مات لبد مات معه لقمان ، وهو لقمان النسور .