كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)
"""""" صفحة رقم 66 """"""
والذرية ، وكثروا حتى صاروا في عدد عاد وأكثر ، وكانوا ذوي بطش وقوة وتجبر وكفر وفساد ، وكانت منازلهم ما بين الحجاز إلى الشام ، وهي ديار الحجر من وادي القرى ، وكان ملكهم جندع بن عمرو بن عاد بن ثمود بن إرم بن سام ابن نوح .
وقيل في نسبه : إنه جندع بن عمرد بن عمرو بن الدميل بن عاد بن ثمود ابن عائذ بن إرم بن سام ، وكانت طائفة ممن آمنت بهود يذكرون له كيف أهلك الله قوم عاد بالريح العقيم ، وكيف كانت سيرة هود فيهم ؟ فيقول : إنما هلكت عاد لأنها لم تكن تشيد بنيانها : ولا تنصح آلهتها ، وكان بنيانهم على الأحقاف التي هي الرمال ، ونحن أشد قوة وبناء وبلاداً ، ونحن نتخذ الجبال بيوتاً فننحتها في الصخر لئلا يكون للريح عليها سبيل ، ونحن نعبد آلهتنا حق العبادة .
قال كعب : كانت قوة الرجل منهم أن ينحت في الجبل بيتاً طوله مائة ذراع في عرض مثل ذلك ، ويضربه بصفائح الحديد ، ويغلق باباً من حديد مصمت لا يفتحه إلا القوي منهم ، وكانت منازلهم أولاً بأرض كوش في بلاد عالج ، فانتقلوا إلى هذه البلاد لكثرة جبالها . قال : ثم اجتمع كبراؤهم إلى ملكهم جندع ، وقالوا : نريد أن نتخذ لأنفسنا إلهاً نعبده ، لم يكن مثله لقوم عاد ولا قوم نوح . فإذن في ذلك ، فنحتوا صنماً من جبل يقال له : الكثيب وجعلوا وجهه كوجه الإنسان ، وعنقه وصدره كالبقر ويديه ورجليه كالخيل ، وضربوه بصفائح الذهب والفضة ، وعقدوا على رأسه تاجاً ، ورصعوه بالدر والجوهر ؛ فلما كمل خروا له سجداً ، وقربوا القربان ، وأقبلوا إلى الملك فقالوا له : أخرج إلى هذا الإله الذي أتعبنا أنفسنا في اتخاذه ، فخرج الملك إليه في زينته وأصحابه ؛ فلما رأوه خروا له سجداً ، ثم أمر الملك أن يتخذ له بيت ، وأن يسقف