كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 67 """"""
بصفائح الذهب والفضة ، ويرصع بالجوهر ، وتفرش أرضه بالديباج ؛ وأمر أن تتخذ لسائر الأصنام بيوت ، وأن يتخذ سرير من العاج والابنوس على عرض البيت ، قوائمه من الفضة ، وأن تعلق قناديل الفضة بسلاسل الذهب وأمر أن يجعل للبيت مصراعان في كل مصرع مائة حلقة من الذهب والفضة ويعلق عليهما ستران ، وسماهما ستور العز ، ووضع الصنم على ذلك السرير ، وسائر الأصنام الصغار على كراسي العاج والآبنوس ؛ وأمر أن يندب لخدمة الأصنام رجل من أشراف قومه وأحسنهم وأنسبهم ؛ فقالوا : ليس في ثمود أشرف نسباً وأجمل وجهاً من كانوه . فاستدعاه وقربه وتوجه وسوده ، وجعله على خدمة الصنم ، وقد ازدادوا عتواً وتجبراً وكفراً وفساداً ، والله تعالى يزيدهم سعة وخصباً ، وهم يرون أن ذلك كله من بركات أصنامهم .
ذكر ميلاد صالح - عليه السلام -
قال : فبينما كانوه في بيت الأصنام إذ تحركت نطفة صالح في ظهر ، وصار لها نور على عينيه ، وسمع هاتفاً يقول : " جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً " ألا بعدا وسحقاً لثمود لكفرهم ، وهذا صالح بن كانوه يصلح الله به الفساد . ففزع من ذلك ، وذهب ليتقدم إلى الصنم الأكبر ، فنطق بإذن الله وقال : مالي ومالك يا كانوه ، مثلك يخدمني وقد استنارت الأرض بنور وجهك للنور الذي في ظهرك ؟ ثم تنكس الصنم عن سريره ، فأعاده كانوه وأعوانه إلى السرير ، وبلغ الملك ذلك ، فاغتم له ، فقال له أصحابه : إن هذا لسوء خدمة كانوه فإنه لا يوفى الآلهة حقها في الخدمة . وهموا بقتله ، فأخفاه الله تعالى عن عيونهم ؛ فلما كان الليل هبط عليه ملك من السماء ، فاحتمله وهو نائم ، وألقاه في واد على أميال من ديار قومه وهو لا يدري في أي موضع هو ، فنظر غاراً في جبل هناك ، فدخله ليكنه من حر الشمس ونام ، فضرب الله على أذنه مائة سنة ، وفقده قومه ، ونصبوا لخدمة أصنامهم رجلاً منهم يقال له : داود بن عمرو ، فبينما هم كذلك وقد خرجوا في يوم عيد لهم إذ

الصفحة 67