كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 69 """"""
بالملك جندع وسادات قومه قد اجتمعوا ، وقد انتزع الملك منهم أموالهم ، وهم لا يستطيعون دفعه عنها لكثرة جموعه ؛ فصاح بهم صالح صيحة أزعجتهم ، وهم لا يستطيعون دفعه عنها لكثرة جموعه ؛ فصاح بهم صالح صيحة أزعجتهم ، وألقى الله الرعب في قلوبهم ، واستنقذ منهم جميع ما أخذوه من قومه .
فعجب جندع وأصحابه منه ، وأقبلوا يقبلون صالحاً ويكرمونه ؛ فخشي الملك على ملكه أن يعزلوه ويولوا صالح بن كانوه ، فهم أن يقتله ، ودس إليه جماعة من خواصه فدخلوا منزله ، فأيبس الله أيديهم عنه ، وأخرس ألسنتهم ؛ فعلم الملك أنه معصوم ، فبعث يسأله فيهم ، فدعاهم ، فأطلق الله أيديهم وألسنتهم ، وبقي صالح مكرماً معظماً في قومه .
ذكر مبعثه - عليه السلام -
قال : ولما أتى عليه أربعون سنة بعثه الله عز وجل رسولاً إلى قومه ، فجاءه جبريل بالوحي عن الله ، وأمره أن يدعوهم إلى قول " لا إله إلا الله " والإقرار بأن صالحاً عبده ورسوله ، وترك عبادة الأصنام ، أعمله بما سيظهر على يديه من العجائب .
قال : فأقبل صالح إلى قومه في يوم عيد لهم وقد نصبوا أصنامهم واجتمعوا على يمينها وشمالها ، والملك جندع مشرف عليهم ينظر إليهم إلى قربانهم ، فتقدم حتى وقف على الملك وقال : قد علمت نصحي لك أبداً ، وقد جئتك رسولاً أدعوك إلى شهادة أن لا إله إلا الله ، وأني صالح رسول الله . فقال مالك له : إن قبائل ثمود لا ترضى أن يكون مثلك رسولاً إليهم ، غير أني أنظر فيما تقول ، فعد إلي غداً . ثم أصبح الملك ودعا بأشراف قومه ، وأخبرهم بخبر صالح ؛ فقالوا : أحضره حتى نسمع ما يقول . فأحضره فقال : " يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب " فقال له نفر منهم : " يا صالح قد كنت فينا مرجواً قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفي شك ما تدعونا إليه مريب ، قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير " فقال له الملك : كيف خصك ربك بالرسالة من بيننا ، ورفعك علينا وفي قبائل ثمود من هو أعز منك ؟ فقال : " ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء " ثم قال : يا قم اتقوا الله وأطيعون ، " وما أسألكم عليه

الصفحة 69