كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 73 """"""
وأنا أشترط عليكم : لا يركبها أحد منكم ، ولا يرميها بحجر ولا سهم ، ولا يمنعها من شربها ولا فصيلها .
قالوا : هذا لك يا صالح . فأخذ عليهم المواثيق .
ذكر خروج الناقة
قال : فلما انتهت شروطهم وشروطه ، وأخذ عليهم المواثيق ، قام وصلى ركعتين ، ودعا ، فاضطربت الصخرة وتمخضت ، وتفجر من أصولها الماء ، والقوم ينظرون ، وسمعوا دوياً كدوي الرعد ، فرفعوا رءوسهم ، فإذا بقبة تنقض من الهواء فانحدرت على الصخرة وحولها الملائكة ؛ ثم تقدم صالح إلى الصخرة فضربها بقضيب كان بيده ، فاضطربت وتشامخت صعداً ، ثم تطامنت إلى موضعا ، ثم خرج رأس ووثبت من جوفها على الصفة كأنها قطعة جبلن فوقفت بين يدي الملك وقومه وهي أحسن مما وصفوا ، وهي تنادي : " لا إله إلا الله صالح رسول الله " .
ثم مر جبريل على بطنها بحربة ، فخرج فصيلها على لونها .
ثم نادت : " أنا ناقة ربي ، فسبحان من خلقني وجعلني آية من آياته الكبرى " .
فلما رأى الملك ذلك قام عن سريره وقبل رأس صالح ، وقال : يا معشر قبائل ثمود ، لا عمى بعد الهدى ، أنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن صالحاً رسول الله .
وآمن معه في ذلك اليوم خلق كثير من أهل مملكته وغيرهم ، فلما رأى داود خادم الأصنام ذلك نادى بصوت رفيع : يا آل ثمود ، ما أسرع ما صبوتم إلى هذا الساحر ، إن كانت الناقة قد أعجبتكم فهلموا إلى آلهتكم فسلوها حتى تخرج لكم أحسن منها .
فوقفوا عن الإيمان . وعمدوا إلى شهاب أخ الملك ، فملكوه عليهم ، ودخل جندع المدينة فكسر الصنم الذي كان يعبده ، وفرق أمواله على المؤمنين ، ولبس الصوف ، وعبد الله حق عبادته ، وكانت الناقة تتبع صالحاً كاتباع الفصيل لأمه ، فلما كان بعد ذلك أقبلت ثمود على صالح ، وقالوا : إن لم نمس الناقة بسوء يصرف ربك عنا عذابه ؟ قال : نعم ، إلى منتهى آجالكم ، وكانت الناقة تخرج وفصيلها

الصفحة 73