كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)
"""""" صفحة رقم 79 """"""
فانتبه وخرج من ساعته حتى أتى قومه ، فأنذرهم ووعظهم ، فهموا بقتله فعطل الله تعالى بئرهم حتى لم يجدوا فيها قطرة ، فأتوا إلى صنمهم فلم يكلمهم ، وأنتهم صيحة من السماء فهلكوا عن آخرهم .
ويقال : إن سليمان صفد شياطين وحبسهم بهذه البئر ؛ والله أعلم .
الباب الثامن من القسم الأول من الفن الخامس في خبر أصحاب الرس وما كان من أمرهم
قال الكسائي : قال كعب : إن أصحاب الرس كانوا بحضرموت ، وكانوا كثيراً ، فبنوا هناك مدينة كانت أربعين ميلاً في مثل ذلك ، فاحتفروا لها القنوات من تحت الأرض ، وسموها رساً ، وكان ذلك أيضاً اسم ملكهم ، فأقاموا في بلدهم دهراً طويلاً يعبدون الله تعالى حق عبادته ؛ ثم تغيروا عن ذلك وعبدوا الأصنام وكان مما أحدثوه إتيان النساء في أدبارهن والمبادلة بهن ، فكان كل منهم يبعث بامرأته إلى الآخر ، فشق ذلك على النساء ، فأتاهن إبليس في صورة امرأة وعلمهن السحاق ففعلنه ، وهم أول من أتى النساء في أدبارهن وساحق ؛ فاشتهرت هذه القبائح فيهم .
فبعث الله إليهم رسولاً اسمه حنظلة ، وقيل : خالد بن سنان . وقيل : ابن صفوان . فدعاهم إلى طاعة الله ، ونهاهم عن عبادة الأصنام وفعل القبائح وحذرهم وذكرهم ما حل بمن قبلهم من الأمم ، فكذبوه ، فوعظهم دهراً طويلاً وهم لا يرجعون ، فضربهم الله بالقحط ، فقتلوا نبيهم وأحرقوه بالنار ؛ فصاح بهم جبريل صيحة فصاروا حجارة سوداً ، وخسفت مدينتهم .
وقيل : إن هذه المدينة لم يرها إلا ذو القرنين ، وإنه رآهم حجارة ، ورأى