كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)
"""""" صفحة رقم 81 """"""
قال الثعلبي : وقال بعض العلماء : بلغني أنه كان رسان : أما أحدهما فكان أهله أهل بذر وعمود ، وأصحاب غنم ومواش ، فبعث الله إليهم نبيناً فقتلوه ، ثم بعث الله رسولاً آخر وعضده بولي ، فقتلوا الرسول ، وجاهدهم الولي حتى أفحمهم ؛ وكانوا يقولون : إلهنا في البحر . وكان على شفير البحر ؛ وكان يخرج إليهم من البحر شيطان في كل شهر خرجة فيذبحون عنده ، ويتخذون ذلك اليوم عيداً ، فقال لهم الولي : أرأيتم إن خرج إلهكم الذي تدعونه وتعبدونه إلي وأطاعني أتجيبوني إلى ما دعوتكم إليه ؟ قالوا : بلى . وأعطوه على ذاك العهود والمواثيق ، فانتظر حتى خرج ذلك الشيطان على صورة حوت راكباً على أربعة أحوات ، وله عنق منقلب ، وعلى رأسه مثل التاج ؛ فلما نظروا إليه خروا سجداً ، وخرج الولي إليه وقال : ائتني طوعاً أو كرهاً باسم الله الكريم .
فنزل عند ذلك عن أخواته ، فقال له الولي : ائتني راكباً لئلا يكون القوم في شك . فأتى الحوت وأتت به الحيتان حتى أفضوا إلى البر يجرونه ويجرهم ، ثم كذبوه بعد ما رأوا ذلك ، ونقضوا العهود ، فأرسل الله تعالى عليهم ريحاً تقذفهم في البحر ومواشيهم وما كانوا يملكون من ذهب وفضة وآنية ؛ فأتى الولي الصالح إلى البحر حتى أخذ التبر والفضة والأواني ، فقسمها على أصحابه بالسوية على الصغير والكبير ، وانقطع ذلك النسل . وأما الرس الآخر فهم قوم كان لهم نهر يدعى الرس ، وذلك النهر بمنقطع أذربيجان ، بينهما رس أرمينة ، فإذا قطعنه مدبراً دخلت في حد أرمينية وإذا قطعته مقبلاً دخلت في حد أذربيجان ، وكان من حولهم من أهل أرمينية يعبدون الأوثان ، ومن قدامهم من أهل أذربيجان يعبدون النيران ، وكانوا هم يعبدون الجواري العذارى ، فإذا تمت لإحداهن ثلاثون سنة قتلوها واستبدلوا غيرها . وكان عرض نهرهم ثلاثة فراسخ ، وكان يرتفع في كل يوم وليلة حتى يبلغ أنصاف الجبال التي حوله ، ولا ينصب في بر ولا بحر ، وإذا خرج من حدهم يقف ويدور ثم يرجع إليهم فبعث الله إليهم ثلاثين نبياً في شهر واحد ، فقتلوهم جميعاً فبعث الله إليهم نبياً وأيده بنصره ، وبعث معه ولياً ، فجاهدهم في الله حق جهاده .