كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)
"""""" صفحة رقم 83 """"""
القتل ، وبقيت منهم شرذمة ، فسلط الله عليها الطاعون ، فلم يبق منهم باقية وبقي نهرهم ومنازلهم مائتي عام لا يسكنها أحد .
ثم أتى الله بعد ذلك بقرن فنزلوها وكانوا صالحين سنين ، ثم أحدثوا فاحشة وجعل الرجل منهم يدعو ابنته وأخته وزوجته فيلقى بهن جاره وأخاه وصديقه يلتمس بذلك البر والصلة ، ثم ارتفعوا عن ذلك إلى نوع آخر ترك الرجال النساء حتى شبقن ، واشتغلن عن الرجال ، فجاءت النساء شيطانة في صورة امرأة - وهي الولهانة بنت إبليس - فشبهت للنساء ركوب بعضهن بعضاً ؛ وعلمتهن كيف يصنعن ؛ فأصل ركوب النساء النساء منها ؛ فسلط الله تعالى على ذلك القرن صاعقة من أول ليلتهم ، وخسفا في آخر الليل ، وصيحة مع الشمس ، فمل تبق منهم باقية وبادت مساكنهم .
قال الثعلبي : ولا أحسب مساكنهم اليوم مسكونة .
وقال أبو إسحاق الثعلبي أيضاً : وروى علي بن الحسين زين العابدين عن أبيه الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أن رجلاً من أشراف بني تميم يقال له : عمرو ، أتاه فقال : يا أمير المؤمنين ، أخبرني عن أصحاب الرس وأي عصر كانوا فيه ؟ وأين كانت منازلهم ؟ ومن كان ملكهم ؟ وهل بعث الله تعالى إليهم رسولاً أو لا ؟ وبماذا هلكوا ؟ فإني أجد في كتاب الله تعالى ذكرهم ولا أجد خبرهم .
فقال له : لقد سألتني عن حديث ما سألني عنه أحد قبلك ، ولا يحدثك به أحد بعدي . كان من قصتهم يا أخا تميم أنهم كانوا يعبدون شجرة صنوبر يقال لها : ساب درحب ، كان يافث بن نوح غرسها على شفير عين يقال لها : دوسات كانت أنبطت لنوح بعد الطوفان ، وكان لهم اثنتا عشرة قرية على شاطئ نهر يقال له الرس من بلاد المشرق ، ولم يكن يومئذ في الأرض نهر أغزر ولا أعذب منه ولا قرى أكثر سكاناً وعمراناً منها ؛ وذلك قبل سليمان بن داود ، وكان من أعظم مدائنهم اسفيدبا ، وهي التي كان ينزلها ملكهم ، وكان يسمى بركون بن عابور بن بلوش بن سارب بن النمروذ بن كنعان ، وفيها العين والصنوبرة ، وقد غرسوا في كل عين حبة من تلك