كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 95 """"""
" لا إله إلا الله وإني رسول الله " . فانتشر الصوت على جميعهم ؛ فأحضر نمروذ الوزراء والبطارقة ، وأجلسهم في مجالسهم ، وأقام جنوده ، وأحضر الأسود والفيلة بسلاسلها ، وأقيمت صفوفاً عن يمين الدار ويسارها ؛ وأمر بدخول إبراهيم ؛ فدخل وقال : " باسم الله العظيم " فلما توسط الدار قال بصوت رفيع : يا قوم قولوا : " لا إله إلا الله خالق كل شيء " .
ثم تقدم إلى نمروذ ؛ فقال له بعض وزرائه : من أنت ؟ قال : أنا إبراهيم بن تارح رسول رب العالمين ، أدعوكم إلى عبادته . قال له : من ربك ؟ قال : الذي خلق الناس جميعاً . قال نمروذ : إن ملكي أعظم من ملكه . قال إبراهيم : الملك والسلطان لله رب العالمين . قال : لقد تجرأت علي يا إبراهيم ، وأنت تعلم أني خلقتك ورزقتك . فاضطرب سرير نمروذ ، وقال إبراهيم : كذبت يا نمروذ ، إن الله هو الذي خلقك وخلق الناس أجمعين ، ورزقك ورزقهم ، وأنت تكفلا بنعمته وقد رأيت بعض الآيات ؟ قال : هات غير ذلك . فوصف إبراهيم قدرة الله . قال نمروذ : فما الذي يفعل من قدرته ؟ " قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت " قال نمروذ : " أنا أحي وأميت " . قال : كيف تفعل ؟ قال : أخرج من الحبس من قد وجب عليه القتل فأطلقه ، وأقتل الذي لم يجب عليه .
قال إبراهيم : إن ربي لا يفعل كذلك ، بل الميت يحييه ، والحي يميته من غير قتل ، ولكن يا نمروذ " إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر " .
ذكر سؤال إبراهيم - عليه السلام - في إحياء الموتى
قال الله تعالى : " وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءاً ثم ادعهن يأتينك سعياً واعلم أن الله عزيز حكيم " .
قال : فأخذ ديكاً أبيض وغراباً أسود وحمامة خضراء وطاوساً ، وقطع رءوسها ، وخلط الدم بالدم والريش بالريش ؛ ثم جزأها أجزاء متساوية ، وجعل على كل جبل منهن جزءاً ، وجعل رءوسها من بين أصابع إبراهيم ، فصار كل رأس إلى بدنه .

الصفحة 95