كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 96 """"""
قال : والتفت إبراهيم إلى نمرود وقال : كيف ترى قدرة إلهي ؟ قال : ليس هذا ببديع من سحرك . وأمر به فقيد وغلت يده ، وأدخل المضيق تحت الأرض وفيه الحيات والعقارب فلم يضره ذلك .
وجاءه جبريل فبشره عن الله بالنصر ، وألبسه حلة خضراء ، وفرش له فرشاً من السندس ، وأتاه بطعام فأكل وقال له : اصبر كما صبر الأنبياء من قبلك .
ذكر آية لإبراهيم - عليه السلام -
قال : وكان إبراهيم يسلي أهل السجن ، ويذكرهم بالجنة والنار ؛ فقام إليه رجل وقال : يا إبراهيم ، أنا من ملوك العرب ، وأنا من ملكهم ، وكنا أربع إخوة فغضب الملك علينا فحبسنى هاهنا ، وحبس الآخر بالمشرق ، والآخر بالمغرب والرابع باليمن ، فهل يقدر ربك أن يجمع بيننا ؟ قال : نعم . ودعا إبراهيم ربه ، فإذا بالأخوين وقد انقضا من المشرق والمغرب . فبلغ ذلك نمروذ ، فأحضرهم وقال : من جمع بينكم ؟ قالوا : إلهنا بدعاء إبراهيم . فأحضر إبراهيم وقال : ائتنا بالأخ الرابع من اليمن . فقال : إنه قد مات ودفن . فقال نمروذ : ادع ربك حتى يأتينا بقبره .
فدعا إبراهيم ، فأمر الله الملك الموكل بالأرض أن يخترق بالقبر إلى إبراهيم ؛ فخرج القبر من تحت الأرض إلى دار نمروذ ، فقال إبراهيم للثلاثة : هذا قبر أخيكم . فقالوا : أيها الملك ، إن كان حقاً ما يقول فليدع ربه ليحييه وينظر إليه ويكلمه .
فصلى إبراهيم ركعتين ، وسأل الله أن يحييه ؛ فانشق القبر ، وخرج الرجل منه وهو يشتعل ناراً ويقول : هذا جزاء من عبد الأصنام ورغب عن دين الله .
فقال بهرام الخازن ونزع ما كان عليه من لباس نمروذ ، وآمن بالله وبإبراهيم . فقال له نمروذ : لقد عمل سحره فيك . وأمر بهم نمروذ فشدت أيديهم وأرجلهم ووضعت عليهم أساطين ، فلم يؤلمهم ثقلها ؛ فبهت نمروذ ثم قال : عودوا لطاعتي فأنا الذي خففت عنكم ثقل هذه . فقال خازنه : قم حتى نضع عليك واحدة منها وخففها عن نفسها .

الصفحة 96